وأخرج عبد بن حميد وعلي بن سعيد في كتاب الطاعة والعصيان وأبو يعلى وأبو الحسن القطان في المطولات وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو موسى المديني كلاهما في المطولات وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في البعث والنشور عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : وعنده طائفة من أصحابه :« إن الله تبارك وتعالى لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص بصره إلى السماء فينظر متى يؤمر فينفخ فيه
قلت : يا رسول الله وما الصور ؟ قال : القرن قلت فكيف هو ؟ قال : عظيم
والذي بعثني بالحق إن عظم دارة فيه لعرض السموات والأرض فينفخ فيه النفخة الأولى فيصعق من في السموات ومن في الأرض ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون لرب العالمين فيأمر الله إسرافيل عليه السلام في النفخة الأولى أن يمدها ويطولها فلا يفتر وهو الذي يقول الله ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ص ١٥ فيسير الله الجبال فتكون سرابا وترتج الأرض بأهلها رجا فتكون كالسفينة الموسقة في البحر تضربها الرياح تنكفأ بأهلها كالقناديل المعلقة بالعرش تميلها الرياح وهي التي يقول الله يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة النازعات ٥ - ٨ فيميد الناس على ظهرها وتذهل المراضع وتضع الحوامل وتشيب الولدان وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع وتولي الناس به مدبرين ينادي بعضهم بعضا
فبينما على ذلك إذ تصدعت الأرض كل صدع من قطر إلى قطر فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله وأخذهم لذلك من الكرب والهول ما الله به عليم ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل ثم انشقت وانتثرت نجومها وخسف شمسها وقمرها
فقال رسول الله ﷺ : والأموات لا يعلمون شيئا من ذلك فقلت : يا رسول الله فمن استثنى الله حين يقول ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ؟ قال : أولئك الشهداء وإنما يصل الفزع إلى الأحياء وهم أحياء عند ربهم يرزقون ووقاهم الله فزع ذلك اليوم وآمنهم منه وهو الذي يقول الله يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم الحج ١ إلى قوله ولكن عذاب الله شديد الحج ٢
فينفخ الصور فيصعق أهل السمموات وأهل الأرض إلا من شاء الله فإذا هم خمود ثم يجيء ملك الموت إلى الجبار فيقول : يا رب قد مات أهل السموات وأهل الأرض إلا من شئت
فيقول - وهو أعلم - فمن بقي ؟ فيقول : يا رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت وبقي حملة عرشك وبقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وبقيت أنا
فيقول الله : ليمت جبريل وميكائيل وإسرافيل وينطق الله العرش فيقول : يا رب تميت جبريل وميكائيل وإسرافيل ؟ فيقول الله له : اسكت فإني كتبت الموت على من كان تحت عرشي
فيموتون ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول : يا رب قد مات جبريل وميكائيل وإسرافيل فيقول الله عز وجل - وهو أعلم - فمن بقي ؟ فيقول : يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقي حملة عرشك وبقيت أنا
فيقول الله له : ليمت حملة عرشي
فيموتون ويأمر الله العرش فيقبض الصور ثم يأتي ملك الموت الرب عز وجل فيقول : يا رب مات حملة عرشك فيقول الله - وهو أعلم - فمن بقي ؟ فيقول : يا رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت وبقيت أنا
فيقول الله له : أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار الصمد الذي لم يلد ولم يولد كان آخرا كما كان أولا طوى السموات والأرض كطي السجل للكتاب
ثم قال بهما فلفهما
ثم قال : أنا الجبار أنا الجبار أنا الجبار ثلاث مرات
ثم هتف بصوته لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ فلا يجيبه أحد
ثم يقول لنفسه : لله الواحد القهار يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات إبراهيم ٤٨ فبسطها وسطحها ثم مدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا طه الآية ١٠٧ ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة فإذا هم في هذه المبدلة من كان في بطنها كان في بطنها ومن كان على ظهرها كان على ظهرها
ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش فيأمر الله السماء أن تمطر فتمطر أربعين يوما حتى يكون الماء فوقكم إثني عشر ذراعا ثم يأمر الله الأجساد أن تنبت فتنبت نبات ؟ الطوانيت كنبات البقل حتى إذا تكاملت أجسامهم وكانت كما كانت قال الله : ليحيى حملة العرش فيحيون ويأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور فيضعه على فيه ثم يقول الله : ليحيى جبريل وميكائيل فيحييان
ثم يدعو الله بالأرواح فيؤتى بهن توهج أرواح المؤمنين نورا والأخرى ظلمة فيقبضهن الله جميعا ثم يلقيها في الصور ثم يأمر إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض
فيقول : وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد فتدخل في الخياشيم ثم تمشي في الأجساد كما يمشي السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنكم
وأنا أول من تنشق الأرض عنه فتخرجون منها سراعا إلى ربكم تنسلون »
مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون هذا يوم عسر « حفاة عراة غلفا غرلا
فبينما نحن وقوف إذ سمعنا حسا من السماء شديدا فينزل أهل سماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم
ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم
ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم
ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف إلى السموات السبع
ثم ينزل الجبار في ظلل من الغمام البقرة ٢١٠ والملائكة يحمل عرشه يومئذ ثمانية وهم اليوم أربعة
أقدامهم على تخوم الأرض السفلى والأرضون والسموات إلى حجزهم والعرش على مناكبهم لهم زجل بالتسبيح فيقولون : سبحان ذي العزة والجبروت سبحان ذي الملك والملكوت سبحان الحي الذي لا يموت سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت
فيضع عرشه حيث يشاء من الأرض ثم يهتف بصوته فيقول : يا معشر الجن والإنس إني قد أنصت لكم منذ يوم خلقكم إلى يومك هذا
أسمع قولكم وأبصر أعمالكم فأنصتوا إلي
فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه
ثم يأمر الله جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم ثم يقول ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم يس ٦٠ إلى قوله وامتازوا اليوم أيها المجرمون يس ٥٩ فيميز بين الناس وتجثو الأمم قال وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها الجاثية الآية ٢٨ ويقفون موقفا واحدا مقدار سبعين عاما لا يقضى بينهم فيبكون حتى تنقطع الدموع ويدمعون دما ويعرقون عرقا إلى أن يبلغ ذلك منهم أن يلجمهم العرق وأن يبلغ الأذقان منهم
فيصيحون ويقولون : من يشفع لنا إلى ربنا ؟ فيقضي بيننا فيقولون : ومن أحق بذلك من أبيكم آدم عليه السلام فيطلبون ذلك إليه فيأبى ويقول : ما أنا بصاحب ذلك
ثم يستفزون الأنبياء نبيا نبيا كلما جاؤا نبيا أبى عليهم
قال رسول الله ﷺ : حتى يأتوني فأنطلق حتى أتي فأخر ساجدا قال : أبو هريرة رضي الله عنه وربما قال قدام العرش حتى يبعث إلي ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني فيقول لي : يا محمد فأقول : نعم يا رب : ما شأنك ؟ - وهو أعلم - فأقول : يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم
قال : قال رسول الله ﷺ : فأرجع فأقف مع الناس فيقضي الله بين الخلائق فيكون أول من يقضى فيه في الدماء ويأتي كل من قتل في سبيل الله يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون : يا ربنا قتلنا فلان وفلان
فيقول الله - وهو أعلم - أقتلتم ؟ فيقولون : يا ربنا قتلنا لتكون العزة لك
فيقول الله لهم : صدقتم
فيجعل لوجوههم نورا مثل نور الشمس ثم توصلهم الملائكة إلى الجنة ويأتي من كان قتل على غير ذلك يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون : يا ربنا قتلنا فلان وفلان
فيقول : لم ؟ - وهو أعلم - فيقولون : لتكون العزة لك فيقول الله : تعستم ثم ما يبقى نفس قتلها إلا قتل بها ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها
وكان في مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء رحمه ثم يقضي الله بين من بقي من خلقه حتى لا يبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذها الله تعالى للمظلوم من الظالم
حتى إنه ليكلف يومئذ شائب اللبن للبيع الذي كان يشوب اللبن بالماء ثم يبيعه فيكلف أن يخلص اللبن من الماء
فإذا فرغ الله من ذلك نادى نداء أسمع الخلائق كلهم : ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله
فلا يبقى أحد عبد من دون الله شيئا إلا مثلت له آلهة بين يديه ويجعل يومئذ من الملائكة على صورة عزير ويجعل ملك من الملائكة على صورة عيسى فيتبع هذا اليهود وهذا النصارى ثم يعود بهم آلهتهم إلى النار
فهي التي قال الله لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون الأنبياء الآية ٩٩ فإذا لم يبق إلا المؤمنون وفيهم المنافقون فيقال لهم : يا أيها الناس ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون
فيقولون : والله ما لنا إله إلا الله وما كنا نعبد غيره فيقال لهم : الثانية
والثالثة فيقولون : مثل ذلك فيقول : أنا ربكم فهل بينكم وبين ربكم آية تعرفونه بها ؟ فيقولون : نعم
فيكشف عن ساق ويريهم الله ما شاء من الآية أن يريهم فيعرفون أنه ربهم فيخرون له سجدا لوجوههم ويخر كل منافق على قفاه يجعل الله أصلابهم كصياصي البقر ثم يأذن الله لهم فيرفعون رؤوسهم ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم كدقة الشعر وكحد السيف عليه كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان دونه جسر دحض مزلة فيمرون كطرف العين وكلمح البرق وكمر الريح وكجياد الخيل وكجياد الركاب وكجياد الرجال فناج مسلم وناج مخدوش ومكدوش على وجهه في جهنم
فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة فدخلوها
فو الذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم إذ دخلوا الجنة
فدخل كل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشىء الله في الجنة واثنتين آدميتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما في الدنيا
فيدخل على الأولى منهن في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ عليه سبعون زوجا من سندس
واستبرق ثم إنه يضع يده بين كتفيها فينظر إلى يدها من صدرها ومن وراء ثيابها ولحمها وجلدها
وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في الياقوتة كبدها له مرآة
فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء لا يفتران ولا يألمان
فبينما هو كذلك إذ نودي فيقال له : إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل وإن لك أزواجا غيرها فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة كلما جاء واحدة قالت له : والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك ولا شيئا في الجنة أحب إلي منك
قال وإذا وقع أهل النار في النار وقع فيها خلق من خلق الله أوبقتهم أعمالهم فمنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه النار في جسده كله إلا وجهه حرم الله صورهم على النار
فينادون في النار فيقولون : من يشفع لنا إلى ربنا حتى يخرجنا من النار ؟ فيقولون : ومن أحق بذلك من أبيكم آدم ؟ فينطلق المؤمنون إلى آدم فيقولون : خلقك الله ب


الصفحة التالية
Icon