فقال : اجمعهم، فلما اجتمعوا قال : على أي شيء خاطرتموه؟ قالوا : على أن يشرب ماء هذه البحيرة قال : فإن لها مواد فاحبسوا موادها عنها قالوا : كيف نستطيع أن نحبس موادها؟ قال : وكيف يستطيع أن يشربها ولها مواد؟
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ولقد آتينا لقمان الحكمة ﴾ قال : يعني العقل، والفهم، والفطنة. من غير نبوّة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي مسلم الخولاني رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله ﷺ « إن لقمان كان عبداً كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله تعالى، فمن عليه بالحكمة، نودي بالخلافة قبل داود عليه السلام، فقيل له : يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة تحكم بين الناس بالحق؟ قال لقمان : إن أجبرني ربي تعالى قبلت، فإني أعلم أنه إن فعل ذلك أعانني. وعلمني. وعصمني. وإن خيرني ربي قبلت العافية، ولم أسأل البلاء، فقالت الملائكة : يا لقمان لم؟! قال : لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، فيخذل أو يعان، فإن أصاب فبالحري أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكون في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً شائعاً، ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا ولا يصير إلى ملك الآخرة. فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فغط بالحكمة غطاً فانتبه فتكلم بها، ثم نودي داود عليه السلام بعده بالخلافة، فقبلها ولم يشترط شرط لقمان، فأهوى في الخطيئة، فصفح عنه وتجاوز. وكان لقمان يؤازره بعلمه وحكمته فقال داود عليه السلام : طوبى لك يا لقمان، أوتيت الحكمة فصرفت عنك البلية، وأوتي داود الخلافة فابتلى بالذنب والفتنة ».
وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ولقد آتينا لقمان الحكمة ﴾ قال : العقل، والفقه، والاصابة في القول في نبوّه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ولقد آتينا لقمان الحكمة ﴾ قال : الفقه في الإِسلام، ولم يكن نبياً، ولم يوح إليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : خير الله تعالى لقمان بين الحكمة والنبوّة. فاختار الحكمة على النبوّة، فأتاه جبريل عليه السلام وهو نائم، فذر عليه الحكمة، فاصبح ينطق بها فقيل له : كيف اخترت الحكمة على النبوّة، وقد خيرك ربك؟ فقال : لو أنه أرسل إلي بالنبوّة عزمة لرجوت فيها الفوز منه، ولكنت أرجو أن أقوم بها، ولكنه خيرني، فخفت أن أضعف عن النبوّة، فكانت الحكمة أحب إلي.


الصفحة التالية
Icon