أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما « أن أحبار يهود قالوا لرسول الله ﷺ بالمدينة : يا محمد أرأيت قولك ﴿ وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ﴾ ايانا تريد أم قومك؟ فقال : كلا... فقالوا : ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء؟ فقال : إنها في علم الله قليل. فأنزل الله في ذلك ﴿ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام... ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال « اجتمعت اليهود في بيت فارسلوا إلى النبي ﷺ أن ائتنا. فجاء فدخل عليهم فسألوه عن الرجم فقال : أخبروني بأعلمكم. فأشاروا إلى ابن صوريا الأعور قال : أنت أعلمهم قال : إنهم يزعمون ذاك قال : فنشدتك بالمواثيق التي أخذت عليكم، وبالتوراة التي أنزلت على موسى. ما تجدون في التوراة؟ قال : لولا أنك نشدتني بما نشدتني به ما أخبرتك، أجد فيها الرجم قال : فقضى عليهم النبي ﷺ فقالوا : صدقت يا محمد عندنا التوراة فيها حكم الله، فكانوا قبل ذلك لا يظفرون من النبي ﷺ بشيء قال : فنزل على النبي ﷺ ﴿ وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ﴾ [ الإسراء : ٨٥ ].
فاجتمعوا في ذلك البيت فقال رئيسهم : يا معشر اليهود لقد ظفرتم بمحمد فأرسلوا إليه. فجاء فدخل عليهم فقالوا : يا محمد ألست أنت أخبرتنا أنه أنزل عليك ﴿ وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ﴾ ثم تخبرنا أنه أنزل عليك ﴿ وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ﴾ فهذا مختلف. فسكت النبي ﷺ ولم يرد عليهم قليلاً ولا كثيراً قال : ونزل على النبي ﷺ ﴿ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام ﴾ وجميع خلق الله كتاب، وهذا البحر يمد فيه سبعة أبحر مثله، فمات هؤلاء الكتاب كلهم، وكسرت هذه الأقلام كلها، ويبست هذه البحور الثمانية، وكلام الله كما هو لا ينقص، ولكنكم أوتيتم التوراة فيها شيء من حكم الله، وذلك في حكم الله قليل. فأرسل النبي ﷺ فأتوه فقرأ عليهم هذه الآية قال :» فرجعوا مخصومين بشر « ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال « قال رسول الله ﷺ ما شاء الله أن يقول. فقال رجل : يا محمد تزعم أنك أوتيت الحكمة، وأوتيت القرآن، وأوتينا التوراة، فأنزل الله ﴿ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ﴾ وفيه يقول : علم الله أكثر من ذلك ﴿ وما أوتيتم من العلم ﴾ فهو كثير لكم لقولكم قليل عندي ».