وأخرج ابن سعد وابن عساكر، عن أبيّ بن كعب قال : لما قدم تبع المدينة ونزل بفناه بعث إلى أحبار يهود فقال : إني مخرب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية ويرجع الأمر إلى دين العرب. فقال له شابور اليهودي. - وهو يومئذ اعلمهم - أيها الملك، إن هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل، مولده بمكة اسمه أحمد وهذه دار هجرته، إن منزلك هذا الذي نزلت به، يكون من القتال والجراح أمر كثير في أصحابه وفي عدوهم. قال تبع : ومن يقاتله يومئذ وهو نبي كما تزعم؟ قال : يسير إليه قومه؛ فيقتتلون ههنا. قال : فأين قبره؟ قال : بهذا البلد. قال : فإذا قوتل لمن تكون الدبرة؟ قال : تكون عليه مرة وله مرة، وبهذا المكان الذي أنت به يكون عليه، ويقتل به أصحابه مقتلة عظيمة لم تقتل في موطن، ثم تكون العاقبة له ويظهر، فلا ينازعه هذا الأمر أحد. قال : وما صفته؟ قال : رجل ليس بالقصير ولا بالطويل، في عينيه حمرة يركب البعير ويلبس الشملة، سيفه على عاقته، ولا يبالي من لاقى حتى يظهر أمره. فقال تبع : ما إلى هذا البلد من سبيل وما كان ليكون خرابها على يدي، فرجع تبع منصرفاً إلى اليمن.
وأخرج ابن عساكر عن عباد بن زياد المري عمن أدرك قال : أقبل تبع يفتتح المدائن ويعمل العرب حتى نزل المدينة، وأهلها يومئذ يهود، فظهر على أهلها، وجمع أحبار اليهود فأخبروه أنه سيخرج نبيّ بمكة يكون قراره بهذا البلد اسمه أحمد، وأخبروه أنه لا يدركه، فقال تبع للأوس والخزرج : أقيموا بهذا البلد؛ فإن خرج فيكم، فآزروه وصدقوه، وإن لم يخرج، فأوصوا بذلك أولادكم وقال في شعره :

حدثت أن رسول المليك يخرج حقّاً بأرض الحرم
ولو مدّ دهري إلى دهره لكنت وزيراً له وابن عم
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبدالله بن سلام قال : لم يمت تبع حتى صدق بالنبي ﷺ لما كان يهود يثرب يخبرونه.


الصفحة التالية
Icon