أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل « عن سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين : اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية نرجىء الصلح الذي كان بين النبي ﷺ وبين المشركين، ولو نرى قتالاً لقاتلنا، فجاء عمر إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله : ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال : بلى. قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال : بلى. قال ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع لما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال يا ابن الخطاب : إني رسول الله ولن يضيعني الله أبداً. فرجع متغيظاً لم يصبر حتى جاء أبا بكر، فقال يا أبا بكر : ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال : بلى. قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال : بلى. قال : فلمَ نعطي الدنية في ديننا؟ قال : يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبداً. فنزلت سورة الفتح، فأرسل رسول الله ﷺ إلى عمر رضي الله عنه فأقرأه إياها. قال يا رسول الله : أو فتح هو؟ قال : نعم ».
وأخرج النسائي والحاكم وصححه من طريق أبي إدريس عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه كان يقرأ [ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام فأنزل الله سكينته على رسوله ] فبلغ ذلك عمر فاشتد عليه، فبعث إليه فدخل عليه، فدعا ناساً من أصحابه فيهم زيد بن ثابت، فقال : من يقرأ منكم سورة الفتح؟ فقرأ زيد على قراءتنا اليوم، فغلظ له عمر فقال أبيّ أأتكلم؟ قال : تكلم. فقال : لقد علمت أني كنت أدخل على النبي ﷺ ويقرئني، وأنت بالباب، فإن أحببت أن أقرىء الناس على ما أقرأني أقرأت، وإلا لم أقرىء حرفاً ما حييت. قال : بل أقرىء الناس.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ حمية الجاهلية ﴾ قال : حميت قريش أن يدخل عليهم محمد ﷺ، وقالوا : لا يدخلها علينا أبداً، فوضع الله الحمية عن محمد وأصحابه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأجلح قال : كان حمزة بن عبد المطلب رجلاً حسن الشعر، حسن الهيئة، صاحب صيد، وإن رسول الله ﷺ مر على أبي جهل فولع به وآذاه، فرجع حمزة من الصيد وامرأتان تمشيان خلفه، فقالت إحداهما لو علم ذا ما صنع بابن أخيه أقصر عن مشيته، فالتفت إليهما، فقال : وما ذاك؟ قالت : أبو جهل فعل بمحمد كذا وكذا، فدخلته الحمية فجاء حتى دخل المسجد وفيه أبو جهل فعلا رأسه بقوسه، ثم قال : ديني دين محمد إن كنتم صادقين فامنعوني، فقامت إليه قريش فقالوا يا أبا يعلى، فأنزل الله ﴿ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية ﴾ إلى قوله ﴿ وألزمهم كلمة التقوى ﴾ قال : حمزة بن عبد المطلب.


الصفحة التالية
Icon