أخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : بعث رسول الله ﷺ : الوليد بن عقبة إلى بني وكيعة وكانت بينهم شحناء في الجاهلية فلما بلغ بني وكيعة استقبلوه لينظروا ما في نفسه فخشي القوم فرجع إلى رسول الله ﷺ فقال : إن بني وكيعة أرادوا قتلي ومنعوني الصدقة. فلما بلغ بني وكيعة الذي قال لهم الوليد عند رسول الله ﷺ أتوا رسول الله قالوا : يا رسول الله لقد كذب الوليد، ولكن كانت بينه وبيننا شحناء فخشينا أن يكافئنا بالذي كان بيننا فأنزل الله في الوليد ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أن رجلاً أتى النبي ﷺ فقال : يا نبي الله إن بني فلان - حياً من أحياء العرب - وكان في نفسه عليهم شيء، وكانوا حديثي عهد بالإِسلام قد تركوا الصلاة وارتدوا وكفروا بالله. قال : فلم يعجل رسول الله ﷺ، ودعا خالد بن الوليد، فبعثه إليهم ثم قال : ارمقهم عند الصلاة فإن كان القوم قد تركوا الصلاة فشأنك بهم وإلا فلا تعجل عليهم. قال : فدنا منهم عند غروب الشمس، فكمن حيث يسمع الصلاة، فرمقهم فإذا هو بالمؤذن قد قام حين غربت الشمس فأذن ثم أقام الصلاة فصلوا المغرب، فقال خالد بن الوليد : ما أراهم إلا يصلون فلعلهم تركوا غير هذه الصلاة ثم كمن حتى إذا الليل وغاب الشفق أذن مؤذنهم فصلوا. قال : فلعلهم تركوا صلاة أخرى، فكمن حتى إذا كان في جوف الليل فتقدم حتى أظل الخيل بدورهم فإذا القوم تعلموا شيئاً من القرآن فهم يتهجدون به من الليل ويقرأونه، ثم أتاهم عند الصبح فإذا المؤذن حين طلع الفجر قد أذن ثم أقام فقاموا فصلوا، فلما انصرفوا وأضاء لهم النهار إذا هم بنواصي الخيل في ديارهم فقالوا : ما هذا؟ قالوا : هنا خالد بن الوليد، وكان رجلاً مشنعاً، فقالوا يا خالد : ما شأنك؟ قال : أنتم والله شأني أتي رسول الله ﷺ فقيل له إنكم كفرتم بالله وتركتم الصلاة، فجعلوا يبكون، فقالوا : نعوذ بالله أن نكفر بالله أبداً. قال : فصرف الخيل وردها عنهم حتى أتى رسول الله ﷺ، وأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوماً ﴾ قال الحسن : فوالله لئن كانت نزلت في هؤلاء القوم خاصة إنها المرسلة إلى يوم القيامة ما نسخها شيء.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أن رسول الله ﷺ بعث الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق يصدقهم فلم يبلغهم، ورجع فقال لرسول الله ﷺ : إنهم عصوا، فأراد رسول الله ﷺ أن يجهز إليهم إذ جاء رجل من بني المصطلق، فقال لرسول الله ﷺ : سمعنا أنك أرسلت إلينا ففرحنا به واستبشرنا به وإنه لم يبلغنا رسولك، وكذب.


الصفحة التالية
Icon