« من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، فقالت عائشة رضي الله عنها : إنا لنكره الموت، فقال : ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا حضر الموت بشر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه مما أمامه، وأحب لقاء الله، وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه وكره لقاء الله وكره الله لقاءه ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ :« ما من ميت يموت إلا وهو يعرف غاسله ويناشد حامله إن كان بخير ﴿ فروح وريحان وجنة نعيم ﴾ أن يعجله وإن كان بشر ﴿ فنزل من حميم وتصلية جحيم ﴾ أن يحبسه ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ إن هذا لهو حق اليقين ﴾ قال : ما قصصنا عليك في هذه السورة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ إن هذا لهو حق اليقين ﴾ قال : إن الله تعالى ليس تاركاً أحداً من خلقه حتى يقفه على اليقين من هذا القرآن فأما المؤمن فأيقن في الدنيا فنفعه ذلك يوم القيامة، وأما الكافر فأيقن يوم القيامة حين لا ينفعه اليقين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ إن هذا لهو حق اليقين ﴾ قال : الخبر اليقين.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه قال : من أراد أن يعلم نبأ الأولين والآخرين، ونبأ الدنيا والآخرة، ونبأ الجنة والنار، فليقرأ ﴿ إذا وقعت الواقعة ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ فسبح باسم ربك العظيم ﴾ قال : فصل لربك.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال :« لما نزلت على رسول الله ﷺ ﴿ فسبح باسم ربك العظيم ﴾ قال : اجعلوها في ركوعكم، ولما نزلت ﴿ سبح اسم ربك الأعلى ﴾ قال : اجعلوها في سجودكم ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :« قالوا يا رسول الله كيف نقول في ركوعنا؟ فأنزل الله الآية التي في آخر سورة الواقعة ﴿ فسبح باسم ربك العظيم ﴾ فأمرنا أن نقول : سبحان ربي العظيم وتراً. قال ابن مردويه : حدثنا محمد بن عبدالله بن إبراهيم الشافعي، أنبأنا الحسين بن عبدالله بن يزيد، أنبأنا محمد بن عبدالله بن سابور، أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك، أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ إذا وقعت الواقعة ﴾ قال : الساعة ليس لوقعتها كاذبة يقول : من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت ﴿ خافضة رافعة ﴾ قال : القيامة خافضة، يقول : خفضت فأسمعت الأذنين، ورفعت فأسمعت الأقصى، كان القريب والبعيد فيها سواء، قال : وخفضت أقواماً قد كانوا في الدنيا مرتفعين، ورفعت أقواماً حتى جعلتهم في أعلى عليين ﴿ إذا رجت الأرض رجّاً ﴾ قال : هي الزلزلة ﴿ وبست الجبال بسّاً ﴾ ﴿ فكانت هباء منبثّاً ﴾ قال : الحكم والسدي قال : على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار ﴿ وكنتم أزواجاً ثلاثة ﴾ قال : العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل ﴿ فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة ﴾ هم : الجمهور جماعة أهل الجنة ﴿ وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة ﴾ هم أصحاب الشمال يقول : ما لهم وما أعد لهم ﴿ والسابقون السابقون ﴾ هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين ﴿ أولئك المقربون ﴾ قال : هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم ﴿ ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة ﴾ قال : الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت ﴿ متكئين عليها متقابلين ﴾ قال ابن عباس : ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه، يقول : حلقاً حلقاً ﴿ يطوف عليهم ولدان مخلدون ﴾ قال : خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون ﴿ بأكواب وأباريق ﴾ والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم والأعناق ﴿ وكأس من معين ﴾ قال : الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر، فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول : من خمر جار ﴿ لا يصدعون عنها ﴾ عن الخمر ﴿ ولا ينزفون ﴾ لا تذهب بعقولهم ﴿ وفاكهة مما يتخيرون ﴾ يقول : مما يشتهون يقول : يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجاً لم تنضجه النار، حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان ﴿ وحور عين ﴾ قال : الحور البيض، والعين العظام الأعين حسان ﴿ كأمثال اللؤلؤ ﴾ قال : كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر المكنون الذي في الأصداف، ثم قال ﴿ جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغواً ﴾ قال : اللغو الحلف لا والله، وبلى والله ﴿ ولا تأثيماً ﴾ قال : قال لا يموتون ﴿ إلا قيلاً سلاماً سلاماً ﴾ يقول : التسليم منهم وعليهم، بعضهم على بعض قال : هؤلاء المقربون، ثم قال ﴿ وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ﴾ وما أعد لهم ﴿ في سدر مخضود ﴾ والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه ﴿ وطلح منضود وظل ممدود ﴾ يقول : ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبداً ﴿ وماء مسكوب ﴾ يقول : مصبوب ﴿ وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ﴾ قال : لا تنقطع حيناً وتجيء حيناً مثل فاكهة الدنيا، ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن ﴿ وفرش مرفوعة ﴾ يقول : بعضها فوق بعض ثم قال ﴿ إنا أنشأناهن إنشاء ﴾ قال : هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول : خلقهم خلقاً ﴿ فجعلناهن أبكاراً ﴾ يقول : عذارى ﴿ عرباً أتراباً ﴾ والعرب المتحببات إلى أزواجهن، والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن ﴿ لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ﴾ يقول : طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين ﴿ وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ﴾ ما لهم وما أعد لهم ﴿ في سموم ﴾ قال : فيح نار جهنم ﴿ وحميم ﴾ الماء الجار الذي قد انتهى حره، فليس فوقه حر ﴿ وظل من يحموم ﴾ قال : من دخان جهنم ﴿ لا بارد ولا كريم ﴾ إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال : مشركين جبارين ﴿ وكانوا يصرون ﴾ يقيمون ﴿ على الحنث العظيم ﴾ قال : على الإِثم العظيم، قال : هو الشرك ﴿ وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً ﴾ إلى قوله ﴿ أو آباؤنا الأوّلون ﴾ قال : قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون ﴿ إلى ميقات يوم معلوم ﴾ قال : يوم القيامة ﴿ ثم إنكم أيها الضالون ﴾ قال : المشركون المكذبون ﴿ لآكلون من شجر من زقوم ﴾ قال : والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة ﴿ فمالئون منها البطون ﴾ قال : يملأون من الزقوم بطونهم ﴿ فشاربون عليه من الحميم ﴾ يقول : على الزقوم الحميم ﴿ فشاربون شرب الهيم ﴾ هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبداً لم ير فيها مستنقع ﴿ هذا نزلهم يوم الدين ﴾ كرامة يوم الحساب ﴿ نحن خلقناكم فلولا تصدقون ﴾ يقول : أفلا تصدقون ﴿ أفرأيتم ما تمنون ﴾ يقول : هذا ماء الرجل ﴿ أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ﴾ ﴿ نحن قدرنا بينكم الموت ﴾ في المتعجل والمتأخر ﴿ وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم ﴾ فيقول : نذهب بكم ونجيء بغيركم ﴿ وننشئكم فيما لا تعلمون ﴾ يقول : نخلقكم فيها لا تعلمون، إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير ﴿ ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ﴾ يقول : فهلا تذكرون، ثم قال ﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ يقول : ما تزرعون ﴿ أم نحن الزارعون ﴾ يقول : أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون ﴿ لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون ﴾ يقول : تندمون ﴿ إنا لمغرمون ﴾ يقول : إنا لمواريه ﴿ بل نحن محرومون أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن ﴾ يقول : من السحاب ﴿ أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجاً ﴾ يقول : مرّاً ﴿ فلولا تشكرون ﴾ يقول : فهلا تشكرون ﴿ أفرأيتم النار التي تورون ﴾ يقول : تقدحون ﴿ أأنتم أنشأتم ﴾ يقول : خلقتم ﴿ شجرتها أم نحن المنشئون ﴾ قال : وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة ﴿ نحن جعلناها تذكرة ﴾ يقول : يتذكر بها نار الآخرة العليا ﴿ ومتاعاً للمقوين ﴾ قال : والمقوي هو الذي لا يجد ناراً فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له ﴿ فسبح باسم ربك العظيم ﴾ يقول : فصل لربك العظيم ﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ﴾ قال : أتى ابن عباس علبة بن الأسود، أو نافع بن الحكم فقال له : يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء.


الصفحة التالية
Icon