« كان الظهار في الجاهلية يحرم النساء فكان أوّل من ظاهر في الإِسلام أوس بن الصامت، وكانت امرأته خولة بنت خويلد، وكان الرجل ضعيفاً، وكانت المرأة جلدة، فلما تكلم بالظّهار قال : لا أراك إلا قد حرمت عليّ فانطلقي إلى رسول الله ﷺ لعلك تبتغي شيئاً يردّك عليّ فانطلقت، وجلس ينتظرها، فأتت النبي ﷺ وماشطة تمشط رأسه، فقالت : يا رسول الله إن أوس بن الصامت من قد علمت من ضعف رأيه وعجز مقدرته، وقد ظاهر مني فابتغ لي يا رسول الله شيئاً إليه قال يا خويلة : ما أمرنا بشيء في أمرك وأن نؤمر فسأخبرك، فبينا ماشطته قد فرغت من شق رأسه وأخذت في الشق الآخر أنزل الله تعالى، وكان إذا أنزل عليه الوحي تربد لذلك وجهه حتى يجد بردة فإذا سرّي عنه عاد وجهه أبيض كالقلب، ثم تكلم بما أمر به، فقالت ماشطته : يا خويلة إني لأظنه الآن في شأنك فأخذها أفكل ثم قالت : اللهم بك أعوذ أن تنزل فيّ إلا خيراً فإني لم أبغ من رسولك إلا خيراً فلما سرّي عنه قال : يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك فقرأ ﴿ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ﴾ إلى قوله :﴿ فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ﴾ فقالت : والله يا رسول الله ما له خادم غيري ولا لي خادم غيره، قال :﴿ فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ﴾ قالت : والله إنه إذا لم يأكل في اليوم مرتين يسدر بصره، قال :﴿ فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ﴾ قالت : والله ما لنا في اليوم إلا وقية، قال : فمريه فلينطلق إلى فلان فليأخذ منه شطر وسق من تمر فليتصدق به على ستين مسكيناً وليراجعك ».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن « عن سلمة بن صخر الأنصاري أنه جعل امرأته عليه كظهر أمه، حتى يمضي رمضان فسمنت وتربصت فوقع عليها في النصف من رمضان، فأتى النبي ﷺ كأنه يعظم ذلك، فقال له النبي ﷺ :» أتستطيع أن تعتق رقبة؟ فقال : لا، قال : أفتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال : لا، قال : أفتستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ قال : لا، فقال النبي ﷺ : يا فروة بن عمرو أعطه ذلك العرق وهو مكتل يأخذ خمسة عشر أو ستة عشر صاعاً فليطعمه ستين مسكيناً، فقال : أعليّ أفقر مني فوالذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا فضحك رسول الله ﷺ ثم قال : اذهب به إلى أهلك « ».
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي في السنن عن أبي العالية قال :


الصفحة التالية
Icon