أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كان النبي ﷺ إذا بعث سرية وأغزاها التقى المنافقون فانغضوا رؤوسهم إلى المسلمين، ويقولون : قتل القوم، وإذا رأوا رسول الله ﷺ تناجوا وأظهروا الحزن فبلغ ذلك من النبي ﷺ ومن المسلمين، فأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإِثم والعدوان ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان المنافقون يتناجون بينهم، فكان ذلك يغيظ المؤمنين ويكبر عليهم، فأنزل الله في ذلك ﴿ إنما النجوى من الشيطان ﴾ الآية.
وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ﷺ :« إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون الثالث فإن ذلك يحزنه ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال :« كنا نتناوب رسول الله ﷺ يطرقه أمر أو يأمر بشيء فكثر أهل النوب والمحتسبون ليلة حتى إذا كنا نتحدث فخرج علينا رسول الله ﷺ من الليل فقال : ما هذه النجوى؟ ألم تنهوا عن النجوى؟ ».
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا ﴾ الآية.
أخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرأها « تفسحوا في المجالس بالألف فافسحوا يفسح الله لكم » وقال : في القتال ﴿ وإذا قيل انشزوا فانشزوا ﴾ قال : إذا قيل : انهدوا إلى الصدر فانهدوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس ﴾ قال : مجلس النبي ﷺ فنزلت ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ إذا قيل لكم تفسحوا ﴾ الآية قال : نزلت هذه الآية في مجالس الذكر، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلاً ضنوا بمجالسهم عند رسول الله ﷺ، فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال : كانوا يجيئون فيجلسون ركاماً بعضهم خلف بعض، فأمروا أن يتفسحوا في المجلس فانفسح بعضهم لبعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : أنزلت هذه الآية يوم جمعة وجلس رسول الله ﷺ يومئذ في الصفة، وفي المكان ضيق، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس، فقاموا حيال رسول الله ﷺ، فقالوا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فرد النبي ﷺ عليهم، ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم، فعرف النبي ﷺ ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم، فشق ذلك عليه فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر : قم يا فلان، وأنت يا فلان، فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام من أهل بدر، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه، فنزلت هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon