وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك أن قريظة والنضير قبيلتين من اليهود كانوا حلفاء لقبيلتين من الأنصار، الأوس والخزرج في الجاهلية، « فلما قدم رسول الله ﷺ المدينة وأسلمت الأنصار وأبت اليهود أن يسلموا سار المسلمون إلى بني النضير وهم في حصونهم، فجعل المسلمون يهدمون ما يليهم من حصونهم ويهدم الآخرون ما يليهم سقط أن يقع عليهم حتى أفضوا إليهم فنزلت ﴿ هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم ﴾ إلى قوله :﴿ شديد العقاب ﴾ فلما أفضوا إليهم نزلوا على عهد بينهم وبين نبي الله ﷺ على أن يجلوهم وأهليهم ويأخذوا أموالهم وأرضهم، فأجلوا ونزلوا خيبر، وكان المسلمون يقطعون النخل، فحدثني رجال من أهل المدينة أنها نخل أصفر كهيئة الدقل تدعى اللينة. ، فاستنكر ذلك المشركون، فأنزل الله عذر المسلمين ﴿ ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ﴾ فأما قول الله ﴿ فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ﴾ قال : لم يسيروا إليهم على خيل ولا ركاب إنما كانوا في ناحية المدينة، وبقيت قريظة بعدهم عاماً أو عامين على عهد بينهم وبين نبي الله ﷺ، فلما جاء المشركون يوم الأحزاب أرسل المشركون إليهم أن اخرجوا معنا على رسول الله ﷺ، فأرسلت إليهم اليهود أن ارسلوا إلينا بخمسين من رهنكم، فجاء نعيم بن مسعود الأشجعي إلى المسلمين فحدثهم، وكان نعيم يأمن في المسلمين والمشركين، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ أنهم قد أرسلوا إلى المشكرين يسألونهم خمسين من رهنهم ليخرجوا معهم فأبوا أن يبعثوا إليهم بالرهن فصاروا حرباً للمسلمين والمشركين فبعث إليهم النبي ﷺ سعد بن معاذ وخوات بن جبير، فلما أتياهم قال عظيمهم كعب بن الأشرف : إنه قد كان لي جناحان فقطعتم أحدهما فإما أن تردوا عليّ جناحي، وإما أن أتخذ عليكم جناحاً، فقال خوات بن جبير : إني لأهم أن أطعنه بحربتي. فقال له سعد : إذن يسبق القوم ويأخذون، فمنعه فرجعا إلى النبي ﷺ فحدثاه بالذي كان من أمرهما وأذن الله فيهم، ورجع الأحزاب ووضع النبي ﷺ سلاحه فأتاه جبريل، فقال : والذي أنزل عليك الكتاب ما نزلت عن ظهرها منذ نزل بك المشركون حتى هزمهم الله، فسر فإن الله قد أذن لك في قريظة فأتاهم النبي ﷺ هو وأصحابه فقال لهم : يا إخوة القردة والخنازير، فقالوا : يا أبا القاسم ما كنت فحاشاً فنزلوا على حكم سعد بن معاذ وكان من القبيلة الذين هم حلفاؤهم فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتقسم غنائمهم وأموالهم ويذكرون أن النبي ﷺ قال : حكم بحكم الله فضرب أعناقهم وقسم غنائمهم وأموالهم ».


الصفحة التالية
Icon