فجلس عمر ثم قال : اتئدوا. وحسر عن ذراعيه ثم قال : أنشدكم بالله أيها الرهط هل سمعتم رسول الله ﷺ قال :« انا لا نورث ما تركنا صدقة إن الأنبياء لا تورث » فقال القوم : نعم قد سمعنا ذاك. ثم أقبل على علي وعباس فقال : أنشدكما بالله هل سمعتما رسول الله ﷺ قال ذاك؟ قالا : نعم، فقال عمر : ألا أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله خص نبيه من هذا الفيء بشيء لم يعطه غيره يريد أموال بني النضير كانت نقلاً لرسول الله ﷺ ليس لأحد فيها حق معه، فوالله ما احتواها دونكم ولا استأثر بها عليكم، لقد قسمها فيكم حتى كان منها هذا المال، فكان رسول الله ﷺ يدخر منه قوت أهله لسنتهم، ويجعل ما بقي في سبيل المال حتى توفى الله نبيه ﷺ، فقام أبو بكر، فقال : أنا وليّ رسول الله ﷺ أعمل بما كان يعمل وأسير بسيرته في حياته، فكان يدخر من هذا المال قنية أهل رسول الله ﷺ لسنتهم، ويجعل ما بقي في سبل المال كما كان يصنع رسول الله ﷺ، فوليها أبو بكر حياته حتى توفي أبو بكر، قلت : أنا ولي رسول الله ﷺ وولي أبي بكر أعمل بما كانا يعملان به في هذا المال فقبضتها، فلما أقبلتما عليّ وأدبرتما وبدا لي أن أدفعها إليكما أخذت عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما كان رسول الله ﷺ يعمل به فيها وأبو بكر وأنا، حتى دفعتها إليكما أنشدكم الله أيها الرهط هل دفعتها إليهما بذلك؟ قالوا : اللهم نعم، ثم أقبل عليهما فقال : أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا : نعم، قال : فقضاء غير ذلك تلتمسان مني، فلا والله لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن كنتما عجزتما عنها فأدياها إليّ ثم قال عمر : إن الله قال :﴿ وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير ﴾ فكانت لرسول الله ﷺ، ثم قال :﴿ ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى ﴾ إلى آخر الآية ﴿ واتقوا الله إن الله شديد العقاب ﴾ ثم قال : والله ما أعطاها هؤلاء وحدهم حتى قال :﴿ للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ﴾ ثم والله ما جعلها لهؤلاء وحدهم حتى قال :﴿ والذين تبوَّءو الدار والإِيمان ﴾ إلى ﴿ المفلحون ﴾ ثم والله ما أعطاها لهؤلاء وحدهم حتى قال :﴿ والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ﴾ إلى قوله :﴿ رحيم ﴾ فقسمها هذا القسم على هؤلاء الذين ذكر.


الصفحة التالية
Icon