وأخرج أحمد وعبد بن حميد « عن جابر أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة يذكر أن النبي ﷺ أراد غزوهم، فدلّ النبي ﷺ على المرأة التي معها الكتاب، فأرسل إليها، فأخذ كتابها من رأسها، فقال : يا حاطب أفعلت؟ قال : نعم أما إني لم أفعل غشاً لرسول الله ﷺ، ولا نفاقاً قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له غير أني كنت غريباً بين ظهرانيهم، وكانت والدتي فأردت أن أخدمها عندهم، فقال له عمر : ألا أضرب رأس هذا؟ قال : أتقتل رجلاً من أهل بدر، وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر وقال :» اعملوا ما شئتم « ».
وأخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي « عن جابر أن عبداً لحاطب بن أبي بلعتة جاء إلى رسول الله ﷺ ليشتكي حاطباً فقال : يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله ﷺ :» كذبت لا يدخلها فإنه قد شهد بدراً والحديبية « ».
وأخرج ابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : اسم الذي أنزلت فيه ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ﴾ حاطب بن أبي بلتعة.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال :« ذكر لنا أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة يحذرهم سيرورة رسول الله ﷺ زمن الحديبية، فأطلع الله نبيه على ذلك، فقال له نبي الله : ما حملك على الذي صنعت؟ قال : أما والله ما شككت في أمري، ولا ارتبت فيه، ولكن كان لي هناك مال وأهل، فأردت مصانعة قريش على أهلي ومالي، وذكر لنا أنه كان حليفاً لقريش، ولم يكن من أنفسهم، فأنزل الله القرآن وقال :﴿ إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ﴾ إلى قوله :﴿ قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك ﴾ قال : يقول فلا تأسوا في ذلك فإنها كانت موعدة وعدها إياه ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا يقول : لا تظهرهم علينا ففتنوا بذلك يرون أنهم إنما ظهروا لأنهم أولى بالحق منا ».