حدثنى محمد بن على الانباري (١)، قال: سمعت البحترى يقول: أنشدني أبو تمام لنفسه: وسابح هطل التعداء هتان * على الجزاء أمين غير خوان (٢) أظمى الفصوص ولم تظمأ قوائمه * فخل عينيك في ريان ظمآن (٣) ولو تراه مشيحا والحصى فلق * بين السنابك من مثنى ووحدان (٤) أيقنت - إن لم تثبت - أن حافره * من صخر تدمر أو من وجه عثمان (٥) وقال لى: ما هذا من الشعر؟ قلت لا أدرى.
قال: هذا المستطرد، أو قال: الاستطراد.
قلت: وما معنى ذلك؟ قال: يرى أنه يصف الفرس، ويريد هجاء عثمان (٦).
وقال البحترى: ما إن يُعاف قَذى ولو أوردته * يوماً خلائق حمدوية الاحول (٧) قال: فقيل للبحتري: إنك أخذت هذا من أبى تمام، فقال: ما يعاب على أن آخذ منه وأتبعه فيما يقول.
ومن هذا الباب قول أبى تمام: صب الفراق علينا صب من كثب * عليه إسحاق يوم الروع منتقما (٨)

(١) في أخبار أبى تمام ص ٦٨ " حدثنى أبو الحسن على بن محمد الانباري " (٢) في الصناعتين ٣١٧ وأخبار أبى تمام ص ٦٨ والعمدة ٢ / ٣٨ وديوانه ص ٢٠١ وفيه " أمون " وزهر الآداب ٤ / ١٦٢ وديوان المعاني ١ / ١٩٨ ومعجم الآدباء ١٩ / ٢٥٠ (٣) س، ك " فجل عينك " (٤) في الديوان والصناعتين " تحت السنابك " (٥) في الديوان " حلفت إن لم ".
ويريد بعثمان: عثمان بن إدريس السامى (٦) س، ك: " فقال وقال ".
(٧) ديوانه ٢ / ٢١٨ والصناعتين ٣١٨ وزهر الآداب ٤ / ١٦٢ ومعجم الادباء ١٩ / ٢٥٠ (٨) ديوانه ص ٣٠٢ والصناعتين ٣٦٤ وفى ص " صب من كتبا " ب " صبا من كثب " ويعنى بإسحاق: إسحاق بن إبراهيم المصعبى، وإلى بغداد الذى كان يطلب العلماء ويمتحنهم بأمر المأمون في فتنة خلق القرآن، ويقال: إنه ما كان أحد أشغف بشعر أبى تمام منه، وكان يعطيه عطاء كثيرا.
وكانت وفاة إسحاق في سنة ٢٣٥ (*)


الصفحة التالية
Icon