" نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها (١)، ثم أداها إلى من لم يسمعها، فرب حاملِ فقهٍ لا فقَه له، وربَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفقه منه.
ثلاثٌ لا يغُلُّ (٢) عليهن قلب المؤمن: اخلاصُ العمل لله، والنصيحةُ لأولي الأمر، ولزوم الجماعة، إن دعوتهم تكون من ورائه.
ومن كان همُّهُ الآخرةَ: جمع الله شمله، وجعل غِناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمةٌ.
ومن كان همه الدنيا: فرَّق الله أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأتِهِ من الدنيا إلا ما كُتِبَ له ".
خطبة له ﷺ رواها أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه قال (٣) : خطب بعد العصر، فقال: " ألا إن الدنيا خَضِرَةٌ حُلوة (٤)، ألا وإن الله مستخلفُكم فيها، فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء.
ألا لا يمنعنَّ رجلاً مخافةُ الناس، أن يقول الحق إذا علمه.
وقد روى بالوجهين.
فعلى التخفيف يكون هذا الفعل الثلاثي متعديا، وهو في أصله لازم.
ولكن جاز فيه الامران، يقال: " نضر وجه فلان "، و " نضر الله وجهه "، و " نضر " و " أنضره " أيضا (٢) في اللسان ٤ / ١٣ " قيل معنى قوله: لا يغل عليهن قلب مؤمن: أي لا يكون معها
في قلبه غش ودغل ونفاق، ولكن يكون معها الاخلاص في ذات الله عز وجل.
وروى لا يغل ولا يغل، فمن قال يغل بالفتح للياء وكسر الغين فإنه يجعل ذلك في الضغن والغل وهو الضغن والشحناء، أي لا يدخله حقد يزيله عن الحق.
ومن قال يغل بضم الياء جعله من الخيانة... وقال ابن الاثير: ويروى يغل بالتخفيف، من الوغول، الدخول في الشئ.
والمعنى أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الدغل والخيانة والشر.
وعليهن في موضع الحال، تقديره لا يغل كائنا عليهن... ابن الاعرابي في النوادر: غل بصر فلان: حاد عن الصواب، من غل يغل، وهو معنى قوله: ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مؤمن، أي لا يحيد عن الصواب غاشا ".
(٣) هذه الكلمة من م فقط (٤) في اللسان ٥ / ٣٣٢ " والدنيا خضرة مضرة: أي ناعمة غضة طرية طيبة، وقيل: مونفة معجبة.
وفى الحديث: إن الدنيا حلوة خضرة مضرة، فمن أخذها بحقها بورك له فيها " (*)