نفسه للأمانة، واتخذ ستر الله ذريعة إلى المعصية.
ومنهم: من أقعده عن الملك ضئولة في نفسه، وانقطاع سببه، فقصر به الحال عن حال (١)، فتحلى باسم القناعة، وتزين بلباس الزهاد، وليس من ذلك في مراح ولا مغدى.
وبقي رجال أغضُّ أبصارهم ذكر المرجع، وأراق دموعهم خوف المحشر، فهم بين شريد (٢) ناد، وخائف منقمع (٣)، وساكت مكعوم (٤)
وداع مخلص، وموجع ثكلان، قد أخملتهم التقية، وشملتهم الذلة، في بحر أجاج، أفواههم دامية (٥)، وقلوبهم قرحة (٦)، قد وعظوا حتى ملوا، وقهروا حتى ذلوا، وقتلوا حتى قلوا.
فلتكن الدنيا في عيونكم أقل من حتاتة القرظ (٧)، وقراضة الجلم (٨)، واتعظوا بمن كان قبلكم، قبل أن يتعظ بكم من بعدكم، فارفضوها ذميمة، فإنها قد رفضت من كان أشغف بها منكم (٩)
(١) كذا في م والعقد الفريد ٤ / ٨٩ وا " الحال على ماله " وعيون الاخبار ٢ / ٢٣٨ " على حاله " والبيان والتبيين ٢ / ٦٠ " الحال عن أمله " وفى ك، س " فقصرته الحال فتحلى باسم القناعة " (٢) س، ك: " شديد ناد " وفى العقد وم " شريد باد " والناد: النافر الذاهب على وجهه (٣) س: " متقمع " وفى اللسان ١٠ / ١٦٨ " قمع الرجل في بيته وانقمع دخله مستخفيا " (٤) في اللسان ١٥ / ٤٢٦ " مكعوم: وقد سد الخوف فمه فمنعه من الكلام " (٥) في البيان والتبيين ٢ / ٦٠ " ضامزة " وفى م " أقدامهم دامية " (٦) س، ك: " قريحة " (٧) م: " حثاثة " وفى اللسان ٢ / ٣٢٦ " حتات كل شئ: ما تحات منه، أي تناثر " وفى ١٣ / ١٥٠ " وحثالة القرظ: نفايته، ومنه قول معاوية في خطبته: فأنا في مثل حثالة القرظ " يعنى الزمان وأهله " (٨) في اللسان ٩ / ٨٢ " والقراضة: ما سقط بالقرض.
وقراضات الثوب: الفضالة التى يقطعها الخياط وينفيها الجلم " والجلم: المقص.
(٩) عقب الجاحظ على هذه الخطبة بقوله ٢ / ٦١ " وفى هذه الخطبة - أبقاك الله - ضروب من العجب: منها أن الكلام لا يشبه الذى من أجله دعاهم معاوية، ومنها أن هذا المذهب في تصنيف الناس، وفى الاخبار عما هم عليه من القهر والاذلال، ومن التقية والخوف، أشبه بكلام على رضى الله عنه ومعانيه وحاله - منه بحال معاوية.
ومنها أنا لم نجد معاوية في حال من الحالات يسلك في كلامه
مسلك الزهاد، ولا يذهب مذاهب العباد.
وإنما نكتب لكم ونخبر بما سمعناه، والله أعلم بأصحاب الاخبار وبكثير منهم " وقد قال الرضى في نهج البلاغة ١ / ٧٦ إنها من كلام على الذى لا يشك فيه، وانظر شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ١ / ١٧٢ (*)
وقراضات الثوب: الفضالة التى يقطعها الخياط وينفيها الجلم " والجلم: المقص.
(٩) عقب الجاحظ على هذه الخطبة بقوله ٢ / ٦١ " وفى هذه الخطبة - أبقاك الله - ضروب من العجب: منها أن الكلام لا يشبه الذى من أجله دعاهم معاوية، ومنها أن هذا المذهب في تصنيف الناس، وفى الاخبار عما هم عليه من القهر والاذلال، ومن التقية والخوف، أشبه بكلام على رضى الله عنه ومعانيه وحاله - منه بحال معاوية.
ومنها أنا لم نجد معاوية في حال من الحالات يسلك في كلامه
مسلك الزهاد، ولا يذهب مذاهب العباد.
وإنما نكتب لكم ونخبر بما سمعناه، والله أعلم بأصحاب الاخبار وبكثير منهم " وقد قال الرضى في نهج البلاغة ١ / ٧٦ إنها من كلام على الذى لا يشك فيه، وانظر شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ١ / ١٧٢ (*)