يورد الكلام مورد المجون، وعلى طريق (١) أبي نواس في المزاح والمداعبة! * * * وقوله: ويوم دخلتُ الخِدْرَ خدِرَ عُنَيْزَةٍ * فقالت: لكَ الويلاتُ إِنَّك مُرجلي تقول وقد مالَ الغبيطُ بنا معاً: * عقرت بعيرى يا امرأ القيس فانزل قوله (٢) :" دخلت الخدر خدر عنيزة "، ذكره تكريراً (٣) لإقامة الوزن، لا فائدة فيه غيره، ولا ملاحة له ولا رونق! وقوله في المصراع الأخير من هذا البيت: " فقالت لك الويلات إنك مرجلي " كلام مؤنث من كلام النساء، نقله من جهته إلى شعره! وليس فيه غير هذا (٤) ! ! وتكريره بعد ذلك: " تقول وقد مال الغبيط "، يعني قتب الهودج، بعد قوله: " فقالت لك الويلات إنك مرجلي ": لا فائدة فيه غير تقدير (٥) الوزن! وإلا فحكاية قولها الأول كاف، وهو في النظم قبيح، لأنه ذكر مرة: " فقالت "، ومرة: " تقول "، في معنى واحد، وفصل خفيف! وفى مصراع الثاني أيضاً تأنيث من كلامهن (٦).
وذكر أبو عبيدة أنه قال: " عقرت بعيري "، ولم يقل ناقتي، لأنهم يحملون النساء على ذكور الإبل، لانها أقوى.
وفى ذلك (٧) نظر، لأن الأظهر أن البعير اسم للذكر والأنثى، واحتاج إلى ذكر البعير لإقامة الوزن (٨).
* * * وقوله: فقلت لها: سيري وأرخي زمامَهُ * ولا تُبعديني من جَنَاك المعلَّل فمثلك حُبلى قد طرقت ومرضع * فألهيتها عن ذى تمائم محول (٩)
(٣) م: " ذكر تكريره " (٤) قال البغدادي: " طعنه الاول ليس بصحيح: لانه من باب الابهام والتفسير، وهو عندهم من محاسن الكلام ".
(٥) م: " غير تقديم " (٦) س، ك: " وفيه " (٧) س، ك: " مغيل " ا " مغول " (٨) قال البغدادي: " طعنه الاول غير وارد، لانه من باب الاطناب، بسطه ثانيا للتلذذ والايضاح.
وقوله: ثانيا، غير معيب، لانه من حكاية الحال الماضية، وقد عد حسنا ".
(٩) نقله البغدادي في الخزانة ٢ / ٦٨.
(*)