وهو منقطع عنه، لأنه لم يسبق كلام يقتضي بكاءها، ولا سبب يوجب ذلك، فتركيبة هذا الكلام على ما قبله في اختلال.
ثم لو (١) سلم له بيت من عشرين بيتا، وكان بديعا ولا عيب فيه - فليس بعجيب، لأنه لا يدعي على مثله أن كلامه كله متناقض، ونظمه كله متباين.
وإنما يكفي أن نبين أن ما سبق من كلامه إلى هذا البيت، مما لا يمكن أن يقال إنه يتقدم فيه أحداً من المتأخرين، فضلا عن المتقدمين.
وإنما قدم في شعره لأبيات قد برع فيها، وبان حذقه بها.
وإنما أنكرنا أن يكون شعره متناسبا مع الجودة، ومتشابهاً في صحة المعنى واللفظ، وقلنا: إنه يتصرف بين وحشى غريب مستنكر، وعربية كالمهمل مستكرهة (٢)، وبين كلام سليم متوسط، وبين عامي سوقي في اللفظ والمعنى، وبين حكمة حسنة، وبين سخف مستشنع.
ولهذا قال الله عز اسمه: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فِيه اخْتِلاَفاً كَثِيراً) (٣).
* * * فأما قوله: وبيضةِ خدرٍ لا يُرامُ خباؤُها * تمتعت من لهوٍ بها غير معجل تجاوزت أحراسا وأهوال معشر * على حراص لو يسرون مقتلي (٤) فقد قالوا: عني بذلك أنها كبيضة خدر في صفائها ورقتها، وهذه كلمة حسنة، ولكن لم يسبق إليها، بل هي دائرة في أفواه العرب، وتشبيه
سائر.
ويعني بقوله: " غير معجل ": أنه ليس ذلك مما يتفق قليلاً وأحياناً، بل يتكرر له الاستمتاع بها، وقد يحمله (٥) غيره على أنه / رابط الجأش، فلا (٦)

(١) م: " ثم إن ".
(٢) كذا في م، ك، وفي س: " كالمهل مستنكرة "! (٣) سورة النساء: ٨٢ (٤) كذا في م، ك، وفي س والمعلقات: " أحراسا إليها ومعشر على حراصا " (٥) م: " حمله " (٦) م: " ولا " (*)


الصفحة التالية
Icon