أنت تجد في هذه الآية من الحكمة والتصرف العجيب، والنظم البارع [الغريب] (١)، ما يدلك - إن شئت - على الإعجاز، مع هذا الإختيار والإيجاز، فكيف إذا بلغ ذلك آيات (٢)، أو كانت سورة؟.
ونحو هذه الآية قوله: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُميَّ الَّذِي / يَجِدُونَهُ مَكْتُوبَاً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ، يأمُرُهُم بِالمَعْرِوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ، وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ، وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرهُمْ وَالأَغلاَلَ التَّي كَانَتْ عَلَيْهمْ، فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ
وَنَصَرُوهُ وَاتَّبعُواْ النُّورَ الذى أنزل معه أولئك هم المفلحون) (٣).
وكالآية التي بعدها في التوحيد وإثبات النبوة، وكالآيات الثلاث في المواريث.
أي بارع يقدر على جمع أحكام الفرائض في قدرها من الكلام؟ ثم كيف يقدر على ما فيها من بديع النظم (٤) ؟ وإن جئت إلى آيات الاحتجاج، كقوله تعالى: (لّوْ كَانَ فِيهما آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا، فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ، لاَ يُسْئَلُ عَمَّا يُفعلُ وَهُم يُسْأَلُونَ) (٥).
وكالآيات في التوحيد، كقوله: (هُوَ الحَيُّ لا إله إلا هُوَ فادعُوه مُخْلِصِينَ لَهُ الدينَ، الحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ) (٦).
وكقوله: (تَبَارَكَ الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نَذِيراً.
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَمَواتِ وَالأَرْضِ، وَلَمَ يَّتخِذْ وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ / لَّهُ شَريكٌ فِي الملك، وخلق كل شئ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (٧).
وكقوله: (تَبَارَكَ الَّذِي بيدِهِ الْمُلْكُ وهو على كل شئ قَدِيرٌ) (٨)، إلى آخرها.
وكقوله: (وَالصَّافَّاتِ صَفَّا، فَالزَّاجِرَاتِ زجرا، فالتاليات ذكرا،

(١) الزيادة من م (٢) س، ك: " وكانت " (٣) سورة الاعراف: ١٥٧ (٤) م: " على مثل ما فيها من بليغ النظام " (٥) سورة الانبياء: ٢٢ - ٢٣ (٦) سورة غافر: ٦٥ (٧) سورة الفرقان: ١ - ٢
(٨) سورة الملك: ١ (*)


الصفحة التالية
Icon