وقال آخر:
وبعضُ قريضِ القوم أولادُ عَلْةٍ * يكد لسان الناطق المتحفظ (١) فإن قال قائل: فقد نجد في آيات [من] (٢) القرآن ما يكون نظمه بخلاف ما وصفت، ولا تتميز الكلمات بوجه البراعة، وإنما تكون البراعة عندك منه في مقدار يزيد على الكلمات المفردة، وحد يتجاوز حد الالفاظ المستندة، وإن كان الأكثر على ما وصفته به؟ / قيل له: نحن نعلم أن قوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ)، إلى آخر الآية - ليس من القبيل الذي يمكن إظهار البراعة فيه، وإبانة الفصاحة [عليه] (٣) وذاك يجري عندنا مجرى ما يحتاج إلى ذكره من الأسماء والألقاب، فلا يمكن إظهار البلاغة (٤) فيه، فطلبها في نحو هذا ضرب من الجهالة.
بل الذي يعتبر في نحو ذلك تنزيل الخطاب، وظهور الحكمة في الترتيب والمعنى، وذلك حاصل في هذه الآية - إن تأملت.
ألا ترى أنه بدأ بذكر الأم، لعظم حرمتها، وإدلائها بنفسها، ومكان بعضيتها، فهي أصل لكل من يدلى بنفسه منهن، ولانه (٥) ليس في ذوات الانساب أقرب منها.
ولما جاء إلى ذوات الأسباب، ألحق بها (٦) حكم الام من الرضاع، لان
وكذلك حروف الكلام وأجزاء البيت من الشعر تراها متفقة ملساء، ولينة المعاطف سهلة، وتراها مختلفة متباينة، ومتنافرة مستكرهة، تشق على اللسان وتكده، والاخرى تراها سهلة لينة، ورطبة مواتية، سلسة النظام، خفيفة على اللسان، حتى كأن البيت بأسره كلمة واحدة، وحتى كأن الكلمة بأسرها حرف واحد " (١) البيت لخلف الاحمر.
قال الجاحظ في البيان والتبيين ١ / ٦٦ " أما قول خلف * وبعض قريض القوم أولاد علة * فإنه يقول: إذا كان الشعر مستكرها، وكانت ألفاظ البيت من الشعر لا يقع
بعضها مماثلا لبعض، كان بينها من التنافر ما بين أولاد العلات.
وإذا كانت الكلمة ليس موقعها إلى جنب أختها مرضيا موافقا، كان على اللسان عند إنشاد ذلك الشعر مؤونة " (٢) الزيادة من م (٣) الزيادة من م (٤) م: " البراعة " (٥) س، ك: " لانه " (٦) س، ك: " لها " (*)