قالوا (١) : والمتلائم في الطبقة العليا: القرآن كله، وإن كان بعض الناس أحسن إحساسا له من بعض، كما أن بعضهم يفطن للموزون بخلاف بعض.
و" التلاؤم " (٢) : حسن الكلام في السمع، وسهولته في اللفظ، ووقع المعنى في القلب.
وذلك كالخط الحسن والبيان الشافي، والمتنافر / كالخط القبيح، فإذا انضاف إلى التلاؤم حسن البيان وصحة البرهان في أعلى الطبقات - ظهر الإعجاز لمن كان جيد الطبع، وبصيرا بجواهر (٣) الكلام، كما يظهر له أعلى طبقة الشعر (٤).
و" المتنافر "، ذهب الخليل إلى أنه من بعد شديد، أو قرب شديد، فإذا بعد فهو كالطفر (٥).
وإذا قرب جدا بمنزلة مشى المقيد.
ويبين بقرب
مخارج الحروف وتباعدها.
* * * وأما " الفواصل ": فهي حروف متشاكلة في المقاطع، يقع بها إفهام المعاني وفيها بلاغة.
والإسجاع عيب، لان السجع يتبعه (٦) المعنى، والفواصل تابعة)
وبعض الناس أشد إحساسا بذلك وفطنة له من بعض، كما أن بعضهم أشد إحساسا بتمييز الموزون في الشعر من المكسور، واختلاف الناس في ذلك من جهة الطباع كاختلافهم في الصور والاخلاق.
والسبب في التلاؤم تعديل الحروف في التأليف، فكلما كان أعدل كان أشد تلاؤما " (٢) قال الرماني ص ١٨: " والفائدة في التلاؤم حسن الكلام في السمع، وسهولته في اللفظ، وتقبل المعنى له في النفس لما يرد عليه من حسن الصورة وطريق الدلالة.
ومثل ذلك مثل قراءة الكتاب في أحسن ما يكون من الخط والظرف، وقراءته في أقبح ما يكون من الظرف والخط، فذلك متفاوت في الصورة وإن كانت المعاني واحدة | والتلاؤم في التعديل من غير بعد شديد أو قرب شديد، وذلك يظهر بسهولته على اللسان، وحسنه في الاسماع، وتقبله في الطباع. |
(٥) س، ك: " كالظفر " (٦) س، ك: " يتبع " (*)