للمعاني (١).
والسجع كقول " مسيلمة ".
ثم الفواصل قد تقع على حروف متجانسة، كما قد تقع على حروف متقاربة، ولا تحتمل القوافي ما تحتمل الفواصل، لأنها ليست في الطبقة العليا في البلاغة، لأن الكلام يحسن فيها بمجانسة القوافى وإقامة الوزن (٢).
وأما " التجانس "، فهو: بيان أنواع الكلام الذي يجمعه أصل واحد.
وهو على وجهين: مزاوجة، ومناسبة.
المزاوجة كقوله تعالى: (فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيهِ بَمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ (٣)).
وقوله: (وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ) (٤).
وكقول عمرو بن كلثوم (٥) : ألا لا يجهلَنْ أحدٌ علينا * فنجهلَ فوقَ جهلِ الجاهلينا (٦)

(١) قال الرماني ص ١٩: " والفواصل بلاغة، والاسجاع عيب، وذلك أن الفواصل تابعة للمعانى، وأما الاسجاع فالمعاني تابعة لها، وهو قلب ما توجبه الحكمة في الدلالة، إذ كان الغرض الذى هو حكمة إنما هو الابانة عن المعاني التى الحاجة إليها ماسة، فإذا كانت المشاكلة وصلته إليه فهو بلاغة، وإذا كانت المشاكلة على خلاف ذلك فهو عيب ولكنة، لانه تكلف من غير الوجه الذى توجبه الحكمة، ومثله مثل من رصع تاجا ثم ألبسه زنجيا ساقطا، أو نظم قلادة در ثم ألبسها كلبا! وقبح ذلك وعيبه بين لمن له أدنى فهم... وفواصل القرآن كلها بلاغة وحكمة، لانها طريق إلى إظهار المعاني التى يحتاج إليها في أحسن صورة يدل بها عليها " (٢) قال الرماني ص ٢٠: " وإنما حسن في الفواصل الحروف المتقاربة لانه يكتنف الكلام من
البيان ما يدل على المراد في تمييز الفواصل والمقاطع لما فيه من البلاغة وحسن العبارة.
وأما القوافى فلا تحتمل ذلك، لانها ليست في الطبقة العليا من البلاغة.
وإنما حسن الكلام فيها إقامة الوزن ومجانسة القوافى، فلو بطل أحد الشيئين خرج عن ذلك المنهاج، وبطل ذلك الحسن الذى له في الاسماع، ونقصت رتبته في الافهام.
والفائدة في الفواصل دلالتها على المقاطع، وتحسينها الكلام بالتشاكل، وإبداؤها في الآى بالنظائر " (٣) سورة البقرة: ١٩٤.
وقال الرماني ص ٢١: " فالمزاوجة تقع في الجزاء كقوله تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه " أي جازوه بما يستحق على طريق العدل، إلا أنه استعير للثاني لفظ الاعتداء لتأكيد الدلالة على المساواة في المقدار، فجاء على مزاوجة الكلام لحسن البيان ".
(٤) سورة آل عمران: ٥٤.
وقال الرماني ص ٢١: " أي جازاهم على مكرهم، فاستعير للجزاء على المكر اسم المكر لتحقيق الدلالة على أن وبال المكر راجع عليهم ومختص بهم " (٥) من معلقته، وهو في شرح القصائد العشر ص ٢٣٨ وأمالى المرتضى ٢ / ٨ والصاحبي ص ١٩٦ وما اتفق لفظه واختلف معناه في القرآن الكريم للمبرد ص ١٤ وأساس البلاغة ١ / ١٤٥ ومجمع البيان ١ / ٥٢ (٦) قال الرماني ص ٢٢: " فهذا حسن في البلاغة ولكنه دون بلاغة القرآن، لانه لا يؤذن بالعدل كما آذنت بلاغة القرآن، وإنما فيه الايذان براجع الوبال فقط... " (*)


الصفحة التالية
Icon