وسمعت الصاحب إسماعيل بن عباد يقول: سمعت براكويه (١) الزنجاني يقول: أنشد بعض الشعراء هلال بن يزيد قصيدة على وزن قصيدة الأعشى: وَدِّعْ هريرةَ إن الركبَ مرتحلُ * وهل تطيقُ وداعاً أيها الرجلُ؟ وكان وصف فيها الطلل، قال براكويه (٢) : فقال لي هلال: فقلت بديهاً: إذا سمعت فتى يبكي على طلل * من أهل زَنْجانَ، فاعلم أنه طلل * * * وإنما ذكرت لك هذه الأمور، لتعلم أن الشئ في معدنه أعز، وإلى مظانه أحن (٣)، وإلى أصله أنزع، وبأسبابه أليق، وهو (٤) يدل على ما صدر منه، وينبه ما انتج عنه، ويكون قراره على موجب / صورته، وأنواره على حسب محله، ولكل شئ حد ومذهب، ولكل كلام سبيل ومنهج.
وقد ذكر أبو بكر الصديق رضي الله عنه في كلام مسيلمة ما أخبرتك به، فقال: إن هذا كلام لم يخرج من آل (٥).
فدل على أن الكلام الصادر عن عزة الربوبية ورفعة الالهية، يتميز عما لم يكن كذلك.
* * * ثم رجع الكلام بنا إلى ما ابتدأنا به من عظيم شأن البيان (٦)، ولو لم يكن فيه إلا ما مَنَّ به الله على خلقه بقوله: (خَلَقَ الإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) (٧).

(١) في ل، س: " برلكويه ".
وفى م: " ابن راكويه ".
وانظر ترجمة " براكويه " في يتيمة الدهر للثعالبي ٣ / ٤٠٤ - ٤٠٥
(٢) راجع التعليق السابق.
وفى م: " فقال ابن زاكويه قال: ما تقول؟ فقلت بديها " (٣) كذا في ل، م.
وفى س: " وفى مظانه أحسن " (٤) م: " وهذا " (٥) في اللسان ١٣ / ٢٦ عن ابن سيدة " والال: الله عز وجل، بالكسر، وفى حديث أبى بكر رضى الله عنه لما تلى عليه سجع مسيلمة: إن هذا لشئ ما جاء به إل ولابر، فأين ذهب بكم؟ أي من ربوبية.
وقيل: الال: الاصل الجيد: أي لم يجئ من الاصل الذى جاء منه القرآن.
وقيل: الال: النسب والقرابة.
فيكون المعنى: إن هذا كلام غير صادر من مناسبة الحق، ولا إدلاء بسبب بينه وبين الصدق ".
والنص في اللسان محرف، صححناه بما يستقيم به (٧) بل الحق إنه رجع إلى نقل كلام الرماني في البيان الذى سبق نقله لبعضه (٦) سورة الرحمن: ٣ - ٤ (*)


الصفحة التالية
Icon