سلف من الاولين (١).
حيرهم (٢) فيه، إذ كان من جنس القول الذي زعموا أنهم أدركوا فيه النهاية، وبلغوا فيه الغاية، فعرفوا عجزهم، كما عرف قوم عيسى نقصانهم فيما قدروا من بلوغ أقصى الممكن في العلاج، والوصول إلى أعلى مراتب الطب، فجاءهم بما بهرهم: من إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وكما أتى موسى بالعصا التى تلقفت ما دققوا (٣) فيه من سحرهم، وأتت على ما أجمعوا عليه من أمرهم، وكما سخر لسليمان الريح (٤) والطير والجن.
حين كانوا يولعون به من فائق الصنعة، وبدائع اللطف (٥).
ثم كانت هذه المعجزة / مما يقف عليها (٦) الأول والآخر وقوفاً واحداً، ويبقى حكمها إلى يوم القيامة.
* * * أنظر وفقك الله لما هديناك إليه، وفكر في الذي دللناك عليه، فالحق منهج واضح، والدين ميزان راجح، والجهل لا يزيد إلا عمى (٧)، ولا يورث إلا ندماً.
قال الله عزّ وجلّ: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذينَ يَعْلَمُونَ والذينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنما يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلبَابِ) (٨).
وقال: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا، ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان، ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عِبَادِنَا) (٩).
وقال: (يُضَلُّ بِهِ كَثِيرَاً ويَهْدِي بِهِ كَثِيراً) (١٠).
وعلى حسب ما آتى من الفضل، وأعطى من الكمال والعقل - تقع الهداية والتبيين، فإن الأمور تتم (١١) بأسبابها، وتحصل بآلتها، ومن سلبه
وفى ك " ما سلف إلى الاولين " (٢) كذا في ك، م، ا.
وفى س " تحداهم " (٣) م: " التى تلقف ".
س: " تلقفت ما برعوا " (٤) س، ل " لسليمان من الرياح " (٥) ل، س " يولعون بدقائق الحكمة وبدائع من اللطف " (٦) س، ك " عليه " (٧) س: " الاغما " (٨) سورة الزمر: ٩ (٩) سورة الشورى: ٥٢ (١٠) سورة البقرة: ٢٦ (١١) م: " تستمر " (*)