آراء العلماء في الباقلانى: (١) روى ابن عساكر في تبيين كذب المفترى - عن أبى علقمة، عن أبى هريرة -: أن رسول الله ﷺ قال: " إن الله يبعث لهذه الامة على رأس كل مائة سنة، من يجدد لها دينها ": ثم قال ص ٥٣: " وسمعت الشيخ الامام أبا الحسن على بن مسلم - على كرسيه بجامع دمشق - يقول وذكر حديث أبى علقمة هذا: " كان على رأس المائة الاولى: عمر بن عبد العزيز، وكان على
رأس المائة الثانية: محمد بن إدريس الشافعي، وكان على رأس المائة الثالثة: الاشعري، وكان على رأس المائة الرابعة: ابن الباقلانى ".
(٢) قال الصاحب ابن عباد في وصفه ووصف زميليه -: أبى بكر بن فورك المتوفى سنة ٤٠٦، وأبى إسحاق الاسفرايينى، المتوفى سنة ٤١٨ -: وابن الباقلانى بحر مغرق، وابن فورك صل مطرق، والاسفرايينى نار تحرق ".
وقد علق ابن عساكر على هذا القول في تبيين كذب المفترى ص ٢٤٤ - فقال: " وكأن روح القدس نفث في روعه، حيث أخبر عن حال هؤلاء الثلاثة، بما هو حقيقة الحال فيهم ".
(٣) قال الخطيب البغدادي ٥ / ٣٧٩: " كان الباقلانى ثقة.
وأما الكلام فكان أعرف الناس به، وأحسنهم خاطرا، وأجودهم لسانا، وأوضحهم بيانا، وأصحهم عبارة ".
(٤) قال القاضى عياض في " ترتيب المدارك، وتقريب المسالك، لمعرفة أعلام مذهب الامام مالك ": " ومن أهل العراق والمشرق: أبو بكر: محمد بن الطيب بن محمد، القاضى، المعروف بابن الباقلانى، الملقب بشيخ السنة، ولسان الامة، المتكلم على مذهب المثبتة وأهل الحديث، وطريقة أبى الحسن الاشعري.
قال الخطيب.
وقال أبو الحسن بن جهضم الهمداني: كان شيخ المالكيين في وقته، وعالم عصره المرجوع.
إليه فيما أشكل على غيره.
قال غيره: وإليه انتهت رياسة المالكيين في وقته، وكان حسن الفقه، عظيم الجدل، وكانت له ببغداد حلقة عظيمة، وكان ينزل الكرخ.
ذكر أبو عبد الله بن سعدون الفقيه: أن
وقال: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ، مَا كُنْتَ تُعْلَمُها أَنْتَ وَلاَ قَوْمَكَ مِن قبل هذا، فاصبر، إن العاقبة للمتقين) (١).
* * * فأما الكلام في الوجه الثالث، وهو الذي بيناه من الإعجاز الواقع في النظم والتأليف والرصف، فقد ذكرنا من هذا الوجه وجوهاً: منها: أنا قلنا: إنه نظم خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلامهم، ومباين لأساليب خطابهم.
ومن ادعى ذلك لم يكن له بد من أن يصحح أنه ليس من قبيل الشعر، ولا السجع، ولا الكلام الموزون غير المقفى، لأن قوماً من كفار قريش ادعوا أنه شعر.
ومن الملحدة من يزعم أن فيه شعراً.
ومن أهل الملة من يقول: إنه كلام مسجع، إلا أنه أفصح مما قد اعتادوه من أسجاعهم.
ومنهم من يدعي أنه كلام موزون.
فلا يخرج بذلك عن أصناف ما يتعارفونه من الخطاب.

(١) سورة هود: ٤٩ (*)


الصفحة التالية
Icon