بذوقة، وداود بنظرة، ويوسف بهمة، ومحمدا بخطرة، عليهم السلام ".
(١٥) قال أبو الفرج: محمد بن عمران الخلال: " وكان ورد القاضى أبى بكر محمد بن الطيب، في كل ليلة، عشرين ترويحة، ما يتركها في حضر ولا سفر ".
(١٦) قال أبو بكر الخوارزمي، محمد بن العباس، المتوفى سنة ٣٨٣ -: " كل مصنف ببغداد إنما ينقل من كتب الناس إلى تصانيفه، سوى القاضى أبى بكر، فإن صدره يحوى علمه وعلم الناس ".
(١٧) قال أبو محمد: عبد الله بن محمد الخوارزمي البافى: المتوفى سنة ٣٩٨: " لو أوصى رجل بثلث ماله أن يدفع إلى أفصح الناس، لوجب أن يدفع لابي بكر الاشعري ".
(١٨) قال على بن محمد بن الحسن الحربى، المالكى: " كان القاضى أبو بكر الاشعري، يهم أن يختصر ما يصنفه، فلا يقدر على ذلك، لسعة علمه، وكثرة حفظه.
وما صنف أحد خلافا إلا احتاج أن يطالع كتب المخالفين، غير القاضى أبى بكر، فإن جميع ما كان يذكر خلاف الناس فيه، صنفه من حفظه ".
(١٩) روى الامام أبو عبد الله: الحسن ابن أحمد الدامغاني: قال: " لما قدم القاضى الامام أبو بكر الاشعري بغداد، دعاه الشيخ أبو الحسن التميمي الحنبلى (٣٧١) إمام عصره في مذهبه، وشيخ مصره في رهطه، وحضر الشيخ أبو عبد الله ابن مجاهد (٣٧٠) والشيخ أبو الحسين محمد بن أحمد بن سمعون (٣٨٧)، وأبو الحسن الفقيه، فجرت مسألة الاجتهاد - بين القاضى أبى بكر، وبين
أبى عبد الله بن مجاهد، وتعلق الكلام بينهما إلى أن انفجر عمود الصبح، وظهر كلام القاضى عليه.
وكان أبو الحسن التميمي الحنبلى يقول لاصحابه: تمسكوا بهذا الرجل فليس للسنة عنه غنى أبدا ".
(٢٠) أما أبو حامد الاسفرايينى (٣٤٤ - ٤٠٦) فقد كان شديد الانكار على أصحاب الكلام عامة، وعلى الاشاعرة والباقلاني خاصة، حتى إنهم رووا أن الباقلانى كان يخرج إلى الحمام متبرقعا خوفا منه.
وقد نقل ابن تيمية في فتاويه ٥ / ٢٣٩: أن أبا الحسن الكرخي قال في كتابه " الفصول في الاصول ":
وهذا من الخفيف.
كقول الشاعر: وفؤادي كعهده بُسليمى * بهوىً لم يَحُلْ ولم يتغيرْ (١) وكما ضمنه في شعره من قوله: سبحان من سَخّر هذا لنا * (حقَّا) وما كنا له مُقْرنين (٢)
فزاد فيه حتى انتظم له الشعر.
وكما يقولونه في قوله عز وجل: (وَالْعَادِيَاتِ ضبحا، فالموريات قدحا) (٣) ونحو ذلك من القرآن كثير، كقوله: (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً.
فَالْحَامِلاَتِ وِقْراً.
فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً) (٤).
وهو عندهم شعر من بحر البسيط.
والجواب عن هذه الدعوى التي ادعوها، من وجوه: / أولها: أن الفصحاء منهم حين أورد عليهم القرآن، لو كانوا يعتقدونه شعراً، ولم يروه خارجاً عن أساليب كلامهم - لبادروا إلى معارضته، لان الشعر مسخر لهم مسهل عليهم، ولهم فيه ما علمت من التصرف العجيب، والاقتدار اللطيف.
فلما لم نرهم اشتغلوا بذلك، ولا عولوا عليه -: علم أنهم لم يعتقدوا فيه شيئاً مما يقدره الضعفاء في الصنعة، والمرمدون في هذا الشأن.
وإن استدراك من يجئ الآن على فصحاء قريش وشعراء العرب قاطبة في ذلك الزمان وبلغائهم وخطبائهم، وزعمه أنه قد ظفر بشعر في القرآن [وقد] ذهب أولئك النفر عنه وخفى عليهم مع شدة حاجتهم (٥) [عندهم] إلى الطعن في القرآن والغض منه والتوصل إلى تكذيبه بكل ما قدروا عليه - فلن يجوز أن يخفى على أولئك، وأن يجهلوه، ويعرفه من جاء الآن، وهو بالجهل حقيق! إذا كان كذلك، علم أن الذي أجاب به العلماء عن هذا السؤال سديد، وهو أنهم قالوا: أن البيت الواحد وما كان على وزنه لا يكون شعرا، وأقل الشعر

(١) في العقد الفريد ٥ / ٤٩١ " لم يزل ".
(٢) أخبار أبى نواس ٢ / ٥٥ وفى " لنا هذا ".
قال تعالى في سورة الزخرف ١٣: " سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين " (٣) سورة العاديات: ١ - ٢ (٤) سورة الذاريات ١ - ٣
(٥) ب: " حاجته عندهم " (*)


الصفحة التالية
Icon