أن يصرح باسمه، هو معاصره أبو الحسن: على بن عيسى الرماني المعتزلي وقد نقل الباقلانى هذا الفصل الطويل بأمثلته من كتابه: " النكت في إعجاز القرآن "، وعلق عليه تعليقات شتى.
وقد ذيلت كل مثال نقله بما قاله الرماني فيه، لتتم فائدة القارئ، وليستبين الفرق بين الرجلين.
ثم عقد الباقلانى فصلا في حقيقة المعجز ص ٤٣٦، فبين معنى إعجازه على أصول الاشاعرة بأنه لا يقدر العباد عليه، وإنما ينفرد الله بالقدرة عليه، ولما لم يقدر عليه أحد شبه بما يعجز عنه العاجز، وإنما لا يقدر العباد على مثله، لأنه لو صحّ أن يقدروا عليه بطلت دلالة المعجز، وقد أجرى الله العادة بأن يتعذر فعل ذلك منهم وأن لا يقدروا عليه.
ولو كان غير خارج عن العادة لاتوا بمثله، أو عرضوا عليه من كلام فصحائهم وبلغائهم ما يعارضه.
فلما لم يشتغلوا بذلك علم أنهم فطنوا لخروج ذلك عن أوزان كلامهم، وأساليب نظامهم، وزالت أطماعهم عنه.
وتعرض في هذا الفصل لنظم القرآن ص ٤٣، وأن أصحابه قالوا فيه: إن الله يقدر
على نظم هيئة أخرى تزيد في الفصاحة عليه، كما يقدر على مثله وأما بلوغ بعض نظم القرآن الرتبة التى لا مزيد عليها، فقد قال مخالفونا: إن هذا غير ممتنع.
والذى نقوله: إنه لا يمتنع أن يقال إنه يقدر الله تعالى على أن يأتي بنظم أبلغ وأبدع من القرآن كله.
وأما قدر العباد فهي متناهية في كل ما يقدرون عليه، مما تصح قدرتهم عليه ".
وعقد بعد ذلك فصلا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وأمور تتصل بالاعجاز، بين فيه أنه محال أن يكون القرآن من كلامه عليه السلام، ورد فيه على قول من يقول لولا أن كلامه معجز لم يشتبه على ابن مسعود الفصل بين المعوذتين وبين غيرهما من القرآن، وكذلك لم يشتبه دعاء القنوت في أنه هل هو من القرآن أم لا.
وقال: إن هذا من تخليط الملحدين، وإن الذى يروونه في ذلك خبر واحد، لا يسكن إليه في مثل هذا ولا يعمل به.
وقد جوز أن يكون أبى قد كتب دعاء القنوت على ظهر مصحفه لئلا ينساه، كما جوز أن يكون ابن مسعود قد شذ عن
وقال آخر (١) :* أقبلن من مصر يبارين البري (٢) * وقال القطامي: ولما ردّها في الشَّول شالت * بذيال يكون لها لفاعا (٣) وقد (٤) يكون التجنيس بزيادة حرف [أو بنقصان حرف] (٥) أو ما يقارب ذلك، كقول البحتري: هل لما فات من تلاق تلاف * أم لشاكٍ من الصبابة شافِ (٦) ؟ / وقال ابن مقبل: يمشين هَيْلَ النقا مالت جوانبه * ينهالُ حيناً وينهاهُ الثرى حينا (٧ وقال زهير: هم يضربون حبيك البيض إذ لحقوا * لا ينكلون إذا ما استحلموا وحموا (٨)

(١) هو جليح بن شميذ كما في ديوان الشماخ ص ١٠٥ وكان من حديثه أنه أقبل من مصر مع جماعة من الشعراء منهم الشماخ، فكان الرجل منهم ينزل فيسوق بأصحابه ويرتجز.
وقد ارتجز الجليح بالقوم فقال قصيدة مطلعها: " طاف الخيال من سليمى فاعترى " وهى مثبتة في ديوان الشماخ ص ١٠٥ - ١٠٨ (٢) وقبله: له علامات على حد الصوى " وبعده: " يشكون قرحا بالدفوف والكلى " الصوى: حجارة تجعل علامة في الطريق.
والضمير في " أقبلن " للمطايا.
يبارين: من المباراة، وهى المعارضة في السير.
والبرى: جمع برة بالضم، وهى حلقة تجعل في أنف البعير.
والدفوف: جمع دف، وهو الجنب.
وقد ورد منسوبا في الصناعتين ص ٢٥٥ لجليح بن سويد، وفيه " من مضر " وهو تحريف.
(٣) ديوانه ص ٤٣ والصناعتين ص ٢٦٥ والبديع ص ٥٦ والموازنة ١ / ١١، ٢٤٩ والشول:
طروقة الفحل.
ردها لانه ظن أنها لم تحمل فشالت بذنبها لانها لاقح، وذيال: ذنب طويل.
ولفاع: ثوب تلتفع له.
(٤) م: " قال القاضى الجليل رحمه الله: وقد يكون إلخ " (٥) الزياد من ا، ب، م (٦) ديوانه ١ / ٣٦٦ " ألمافات من تلاق " وس، ك: " من تلاف " (٧) ديوانة ٣٢٦ وحماسة ابن الشجرى ١٨٨ وجمهرة أشعار العرب ص ١٦٢، والهيل من الرمل: الذى لا يثبت مكانه حتى ينهال فيسقط، كما في اللسان ١٤ / ١٣٩ والنقا: كما في اللسان ٢٠ / ٢٣١: " الكثيب من الرمل " وفى م: " مثل النقا ".
(٨) ديوانه ص ١٥٩ والصناعتين ٢٦٠، استلحموا: أدركوا، وحموا: غضبوا (*)


الصفحة التالية
Icon