فقال: إنما الرواية:
وقد بدا ذاك من المئزر
وما أطيب العرس لولا النفقة!
وكذلك الاعتراض عليه في إنشاده قوله:

لا بارك الله في الغواني هل يُصبحن إلا لهن مُطَّلَبُ١
وقول الأصمعي: "في الغواني ما" يريد: في الغواني٢ أَما، ويخفف الهمزة. وقول غيره: "في الغوان أَما"، ولو كان إلى الناس تخير ما يحتمله الموضع والتسبب إليه لكان الرجل أقوم من الجماعة به، وأوصل إلى المراد منه، وأنفى لشغب الزيغ والاضطراب عنه.
فأما قول لبيد:
تراك أمكنة إذا لم أرضها أو يرتبط بعض النفوس حِمامُها٣
فحملوه على هذا؛ أي: أو يرتبط بعض النفوس حمامها؛ معناه: إلا أن يرتبط، فأسكن المفتوح لإقامة الوزن واتصال الحركات.
وقد يمكن عندي أن يكون يرتبط عطفًا على أرضها؛ أي: أنا تراك أمكنة إذا لم أرضها ولم يرتبط نفسي حمامها؛ أي: ما دمت حيًّا فأنا متقلقل في الأرض من هذه إلى هذه، ألا ترى إلى قوله:
قَوَّال مُحكَمَة جوَّاب آفاق٤
وهو كثير في الشعر، فكذلك قول بني تميم: "يُعلِّمْهم ويلْعَنْهم" على ما ذكرنا.
ومن ذلك قراءة الزهري: "إلا لِيُعْلَم من يتبع الرسول"٥ بياء مضمومة وفتح اللام. "٢٣ظ"
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون يُعلم هنا بمعنى يعرف؛ كقوله: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ
١ لابن قيس الرقيات. وانظر: الكتاب: ٢/ ٥٩، والمنصف: ٢/ ٦٧، والخصائص: ١/ ٢٦٢، ٢/ ٣٤٧.
٢ في الأصل: في الغواني ما، والسياق يقتضي ما أثبتنا.
٣ البيت في معلقة لبيد. ويُروى: "يعتلق" مكان "يرتبط". وانظر: شرح المعلقات السبع للزوزني: ١٠٩، والخصائص: ١/ ٧٤.
٤ لتأبط شرًّا، وصدره:
حَمَّال ألوية شَهَّاد أندية
المفضليات: ٢٩.
٥ سورة البقرة: ١٤٣.


الصفحة التالية
Icon