فخفف أري، وحقق ترأياه كقولك: تَرْعَيَاه، ورواه١ أبو الحسن ترياه على زحاف الوافر، وأصله "ترأياه" على أن مفاعلَتن لحقها العصب بسكون لامها؛ فنقلت إلى مفاعي لن، ورواية أبي الحسن: "بما لم تَـ" مفاعيل؛ فصار الجزء بعد العصب إلى النقص.
وقرأت على أبي علي في نوادر أبي زيد:

ألم تَرءَ ما لاقيت والدهر أعصر ومَن يَتَمَلَّ العيش يرء ويسمع٢
فأخرجه على أصله. وقرأت عليه عنه أيضًا:
هل ترجعَنَّ ليال قد مضَين لنا والعيشُ منقلب إذ ذاك أفنانا
إذ نحن في غرة الدنيا وبهجتها والدار جامعة أزمان أزمانا
ثم استمر بها شَيْحانُ مبتجِحٌ بالبين عنك بما يَرْآك شَنْآنا٣
وقال آخر، وقرأته على أبي بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى فيما أظن:
ألا تلك جارتنا بالغضا تقول أَتَرأَينَه لن يضيعَا٤
وله نظائر مما خرج من هذا الأصل على أولية حاله.
ومن ذلك قال أبو بكر بن مجاهد: "التابوت"٥ بالتاء قراءة الناس جميعًا، ولغة للأنصار٦ "التابوه" بالهاء.
قال أبو الفتح: أما ظاهر الأمر، فأن يكون هذان الحرفان من أصلين؛ أحدهما: تَ بَ ت، والآخر: ت ب هـ، ثم من بعد هذا فالقول أن الهاء في "التابوه" بدل من التاء في "التابوت"، وجاز ذلك لما أذكره: وهو أن كل واحد من التاء والهاء حرف مهموس، ومن حروف الزيادة في غير هذا الموضع، وأيضًا فقد أبدلوا الهاء من التاء التي للتأنيث في الوقف، فقالوا: حمزهْ،
١ في ك: روى.
٢ بعده:
بأن عزيزًا ظل يرمي بحوزه إلى وراء الحاجزين ويُفرع
تملى العيش: استمتع به، والحاجزين: جمع حاجز، يفرع: يأخذ في بطن الوادي، خلاف يصعد. انظر: النوادر: ١٨٥، ١٨٦.
٣ رُوي: "ولذتها" مكان "وبهجتها"، والشيحان بالفتح وبالكسر: الغيور، والمتبجح: الفخور. انظر: النوادر: ١٨٤، والخصائص: ٢/ ٣٦٤.
٤ أورده في اللسان "رأى" ولم ينسبه.
٥ سورة البقرة: ٢٤٨.
٦ في ك: ولغة الأنصار.


الصفحة التالية
Icon