وقال الكسائي فيما أظن: أراد ويلك، ثم حذف اللام، وهذا يحتاج إلى خَبَرِ نبي ليُقبل".
ونقل عن ابن مجاهد فوثق به في النقل والرواية، وتعقبه في اللغة بالإنكار والمخالفة، فيقول في المقدمة عن كتابه في الشواذ: "... أَثبتُ في النفس من كثير من الشواذ المحكية عمن له روايته ولا توفيقه ولا هدايته".
وينقل تفسيره لقراءة: "ولا يَوُوده حِفظها"١ بلا همز، ثم يقول: "خلَّط ابن مجاهد في هذا التفسير تخليطًا ظاهرًا، غير لائق بمن يعتد إمامًا في روايته، وإن كان مضعوفًا في فقاهته".
وينقل قراءة يحيى وإبراهيم السلمي: "أَفَحُكْمُ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ"٢ بالياء ورفع الميم، وينقل معها قول ابن مجاهد فيها: وهو خطأ، ثم يقول: قول ابن مجاهد إنه خطأ فيه سرف؛ لكن وجه غيره أقوى منه.
وينقل قراءة: "أنبهم" بوزن أعطهم، قراءة "أنبيهم" بلا همز، وقراءة "أنبئهم"٣، وينقل معها أيضًا قول ابن مجاهد فيها: وهذا لا يجوز، ثم يمضي في الاحتجاج لهذه القراءات، والتماس الوجه لكل منها، حتى إذا بلغ من ذلك غايته قال: فقد علمت بذلك أن قول ابن مجاهد: هذا لا يجوز، لا وجه له؛ لما شرحناه من حاله، ورحم الله أبا بكر، فإنه لم يأْل فيما علمه نصحًا، ولا يلزمه أن يُري غيره مالم يُره الله تعالى إياه. وسبحان قاسم الأزراق بين عباده، وإياه نسأل عصمة وتوفيقًا وسدادًا بفضله.
ورأَيْنَا ابن جني في المحتسب يأخذ ببعض ما لم يرَ الأخذ به في الخصائص، فإذا هو بذلك لا يخالف رأيًا له وحسب؛ ولكنه يخالف مذهبه النحوي أيضًا.
قال في الخصائص: وسمعت الشجري أبا عبد الله غير دفعة يفتح الحرف الحلقي في نحو يعدو وهو محموم، ولم أسمعها من غيره من عُقيل؛ فقد كان يَرِد علينا منهم من يؤنس به ولا يبعد عن الأخذ بلغته، وما أظنُّ الشجري إلا استهواه كثرة ما جاء عنهم من تحريك حرف الحلق بالفتح إذا انفتح ما قبله في الاسم على مذهب البغداديين... وهذا قاسه الكوفيون، وأن كنا نحن لا نراه قياسًا؛ لكن مثل يعدو وهو محموم لم يُروَ عنهم فيما علمت٤.
وقال في المحتسب في الاحتجاج لقراءة "إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرَحٌ"٥ بفتح القاف والراء: قَرْح

١ سورة البقرة: ٢٥٥.
٢ سورة المائدة: ٥٠.
٣ سورة البقرة: ٣٣.
٤ الخصائص: ٢/ ٩.
٥ سورة آل عمران: ١٤٠.


الصفحة التالية
Icon