قال أبو الفتح: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن وكيع عن الدمشقي عن ابن قطرب عن قطرب١ في كتابه الكبير: أن قراءة أبي زرعة الشامي: "وتَرَى النَّاسَ سُكْرَى وَمَا هُمْ بِسُكْرى".
وسألت أبا علي عن "سُكْرَى" فردد القول فيها، ثم استقر الأمر فيها بيننا على أنها صفة من هذا اللفظ والمعنى، بمنزلة حبلى مفردة كما ترى.
فأما "سَكْرَى" بفتح السين فيمن قرأ كذلك فيحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون جمع سكران؛ إلا أنه كُسِّر على فَعْلَى؛ إذ كان السكر علة تلحق العقل، فجرى ذلك مجرى قوله:
فَأَمَّا تَميمٌ تَميمُ بنُ مُرٍّ | فَأَلفاهُمُ القَومُ رَوْبَى نِياما٢ |
والآخر: أن يكون "سَكْرَى" هنا صفة مفردة، مذكرها سكران، كامراة سكرى. ويشهد لهذا الأمر قراءة مَن قرأ: "سُكْرى" بالضم، وهذا لا يكون إلا واحدًا. ويشهد للقول الأول قراءة العامة: ﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى﴾. وجاز أن يوقع على الناس كلهم صفة مفردة تصورًا لمعنى الجملة والجماعة وهي بلفظ الواحد، كما جاز للَبيدٍ أن يشير أيضًا إلى الناس بلفظ الواحد في قوله:
وَلَقَد سَئِمتُ مِنَ الحَياةِ وَطولِها | وَسُؤالِ هَذا الناسِ كَيفَ لَبيدُ٥ |
١ هو محمد بن المستنير أبو علي النحوي المعروف بقطرب، لازم سيبويه، وأخذ عن عيسى بن عمر، ومات سنة ٢٠٦. بغية الوعاة: ١٠٤.
٢ رَوْبَى: اثخنهم السفر والوجع، فاستثقلوا نيامًا، ويقال: شربوا من الرائب فسكروا. اللسان: "روب".
٣ قوم خثراء: مختلطون.
٤ ماد الجرل: اصابه غثيان ودوار من سُكْرٍ أو ركوب بحر.
٥ انظر: الديوان: ٢٥.
٦ سورة آل عمران: ١٧٣.
٧ يعني: نعيم بن مسعود الأشجعي. وانظر: الكشاف في تفسير الآية.
٢ رَوْبَى: اثخنهم السفر والوجع، فاستثقلوا نيامًا، ويقال: شربوا من الرائب فسكروا. اللسان: "روب".
٣ قوم خثراء: مختلطون.
٤ ماد الجرل: اصابه غثيان ودوار من سُكْرٍ أو ركوب بحر.
٥ انظر: الديوان: ٢٥.
٦ سورة آل عمران: ١٧٣.
٧ يعني: نعيم بن مسعود الأشجعي. وانظر: الكشاف في تفسير الآية.