وقرأت على أبي علي في بعض كتب أبي زيد قوله:
خلع الملوك وسار تحت لوائه | شَجَرُ العُرا وعُرَاعِرُ الأقوام١ |
ومن ذلك قراءة ابن يعمر: "وخَلْقَهم"٢ بجزم اللام.
قال أبو الفتح: أي وخَلْق الجن، يعني ما يَخْلُقونه: ما يأفكون فيه ويتكذَّبونه. يقول: جعلوا له الجن شركاء، وأفعالهم شركاء أفعاله أو شركاء له إذا عَني بذلك الأصنام ونحوها.
ومن ذلك قراءة عمر وابن عباس رضي الله عنهما: "وحَرَّفُوا له" بالحاء والفاء.
وقال أبو الفتح: هذا شاهد بكذبهم، ومثله: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ ٣ وأصله من الانحراف؛ أي: الانعدال عن القصد، وكلاهما من حرْفِ الشيء؛ لأنه زائل عن المقابلة والمعادلة، وهو أيضًا معنى قراءة الجماعة: ﴿وَخَرَقُوا﴾ بالخاء والقاف، ومعنى الجميع: كَذبوا.
ومن ذلك قراءة إبراهيم: "وَلَم يَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ"٤ بالياء.
قال أبو الفتح: يحتمل التذكير هنا ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون في "يكن" ضمير اسم الله؛ أي: لم يكن الله له صاحبة، وتكون الجملة التي هي "له صاحبة" خبر كان.
والثاني: أن يكون في "يكن" ضمير الشأن والحديث على شريطة التفسير، وتكون الجملة بعده تفسيرًا له وخبرًا، كقولك: كان زيد قائم؛ أي: كان الحديث والشأن زيد قائم.
١ لمهلهل. شجر العرا: الذي يبقى على الجدب، وفي الصحاح: والعروة أيضًا من الشجر: الشيء الذي لا يزال باقيًا في الأرض لا يذهب، وجمعة عرا، والعراعر: الشريف من الرجال، وهو هنا اسم جمع كما روى المؤلف، ويروى: عَراعر بالفتح جمع عُراعر بالضم. اللسان: "عرعر"، والصحاح: "عرو".
٢ "وخلقهم وخرقوا" في الآية ١٠٠ من سورة الأنعام. وقال في البحر ٤/ ١٩٤: وقرأ ابن عمر وابن عباس: "وحرفوا" بالحاء المهملة والفاء، وشدد ابن عمر الراء وخففها ابن عباس.
٣ سورة النساء: ٤٦.
٤ سورة الأنعام: ١٠١.
٢ "وخلقهم وخرقوا" في الآية ١٠٠ من سورة الأنعام. وقال في البحر ٤/ ١٩٤: وقرأ ابن عمر وابن عباس: "وحرفوا" بالحاء المهملة والفاء، وشدد ابن عمر الراء وخففها ابن عباس.
٣ سورة النساء: ٤٦.
٤ سورة الأنعام: ١٠١.