قال: وأنشد:

فجاءت بِمَزْج لم يَرَ الناس مثله هو الضّحْك إلا أنه عمَل النحل١
وبعد، فليس في اللغة ضحَكَت؛ وإنما هو ضَحِكت؛ أي: حاضت. قال أحمد بن يحيى: ضحِكت وطَمِثت لوقتها، والضَّحك: الشهد؛ وهو الثلج، وقال أحمد بن يحيى: وهو الطلع، قال محمد بن الحسن: قلت لأبي حاتم في قوله:
تضحك الضبْع لِقتلي هذيلٍ٢
قال: من أين لهم أن الضبُع تحيض؟ وقال: يا بني، إنما تكشِر للقتلى إذا رأتهم، كما قالوا: يضحك العَيْر إذا انتزع الصلِّيَانَة٣.
ويقال فيه:
تضحك الضبْع لقتلَى هذيل
أي: تستبشر لقتلاهم لتأكلهم، فيهِرُّ بعضها على بعض، فجلعه ضحِكًا.
وترى الذئب لها٤ يستهلُّ
أي: يعوي، فيستدعي الذئاب فرحًا بذلك.
ومن ذلك قراءة الأعمش: "وَهَذَا بَعْلِي شَيخ"٥.
قال أبو الفتح: الرفع في "شيخ" من أربعة أوجه:
أحدها: أن يكون "شيخ" خبر مبتدأ محذوف؛ كأنه قال: هذا شيخ، والوقف إذن على قوله: ﴿وَهَذَا بَعْلِي﴾ ؛ لأن الجملة هناك قد تمت، ثم استأنف جملة ثانية فقال: "هذا شيخ".
والثاني: أن يكون "بعلي" بدلًا من "هذا"، و"شيخ" هو الخبر.
١ لأبي ذؤيب الهذلي. ويروى: "فجاء" مكان "فجاءت"، وهو ما يقتضيه السياق، فضمير جاء لجانب الخمر التي يشبه بها طيبًا في صاحبته، والضحك: العسل. انظر: ديوان الهذليين: ١/ ٤٢، واللسان "ضحك".
٢ لتأبط شرًّا، وعجزه:
وترى الذئب بها يستهل
ويروى: "لها" مكان "بها"، وينسب البيت للعدواني أيضًا. انظر: الجمهرة: ٢/ ١٦٧، واللسان "ضحك".
٣ الصليانة: مفرد الصليان؛ وهو نبت.
٤ رُوِي: "بها" مكان "لها" في الحاشية ٢ من هذه الصفحة.
٥ سورة هود: ٧٢.


الصفحة التالية
Icon