ونظائره كثيرة، قديمة ومولَّدة -كان١ العبد البر والزاهد المجتهد أحرى أن يسأل خالقه -جل وعز- مقتصدًا في سؤاله، وضامنًا من نفسه السمع والطاعة على ذلك من يأمره.
ويؤكد عندك مذهب "٥ظ" من أنشدته آنفًا، ما حدثنا به أبو علي قال: لما قال كُثير:

ولست بِراض من خليلي بنائل قليل ولا أرضى له بقليل
قال له ابن أبي عتيق: هذا كلام مُكافئ، هلا قلت كما قال ابن الرقيات:
رُقَيَّ بِعَمْرِكُمْ لا تهجرينا ومنِّينا المنى ثم امطلينا٢
وأنشدني بعض أصحابنا:
وعلليني بوعد منك آمله إني أُسَرُّ وإن أخلفت أن تعدي
وعليه قوله الله عز اسمه: ﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ ٣ أي: هديناهم من نعمتنا عليهم، ونَظَرِنَا لهم صراطًا مستقيمًا.
وقال كثير:
أمير المؤمنين على صراط إذا اعوج الموارد مستقيم
وهذا كقولك: أمير المؤمنين على الصراط المستقيم لا فرق بينهما؛ وذلك أن مفاد نكرة الجنس مفاد معرفته؛ من حيث كان في كل جزء منه معنى ما في جملته، ألا ترى إلى قوله:
وأَعلم إن تسليمًا وتركًا لَلَا متشابهان ولا سواء٤
فهذا في المعنى كقوله: إن التسليم والترك لا متشابهان ولا سواء.
ومن ذلك قوله: ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ ٥.
ذكر أبو بكر أحمد بن موسى أن فيها سبع قراءات: "علهُمُو"، و"عليهُمُ" بضم الميم من غير إشباع إلى الواو، و"عليهُمْ" بسكون الميم مع ضمة الهاء، و"عليهِمي"، و"عليهِمْ" بكسر الهاء وسكون
١ جواب: "إذا جاز...." في الصحفة السابقة.
٢ الذي في الأغانتي ٤/ ١٦٤: أنشد كثير بن أبي عتيق كلمته التي يقول فيها:
ولست براض... البيت. فقال له: هذا كلام مكافئ ليس بعاشق، القرشيان أقنع وأصدق منك؛ ابن أبي ربيعة حيث يقول:
ليت حظي كلحظة العين منها وكثير منها القليل المهنا
وقوله أيضًا:
فعدي نائلًا وأن لم تنيلي أنه ينفع المحبَّ الرجاءُ
وابن الرقيات حيث يقول:
رُقَيَّ بعيشكم لا تهجرينا ومَنِّينا المنى ثم امطلينا
٣ سورة النساء: ٦٨.
٤ لأبي حزام غالب بن الحارث العكلي. مختصر شرح الشواهد للعيني: ١١٧.
٥ سورة الفاتحة: ٧.


الصفحة التالية
Icon