ومنهم من يتبع الطاء كسرة الخاء فيقول: خِطِّف، وأنشدونا:
لا حِطِّب القومَ ولا القومَ سقى١
أراد: احتطب على ما مضى.
وحكى أبو الحسن عنهم: فِتِّحوا الأبواب؛ أي: افتتحوا، على ما تقدم.
وكذلك الكلم في قوله: يَهَدِّي ويَهِدِّي ويِهِدِّي٢، وجاء المعذِّورن والْمُعِذِّرون والْمُعُذِّورن٣، ومُرَدِّفين ومُرِدِّفين ومُرُدِّفين٤، تُتْبِع الضم الضم، كما أتبعت الكسر الكسر. وأصله كله: المعتذرون ومرتدفون، وهو باب منقاد، وهذه طريقه.
ومن بعد فيسأل فيقال: ما مثال "يَخَطِّف"؟
قيل: إن أردت الأصل فيفتعِل؛ أي: يختطف، وإن أردت اللفظ ففيه الصنعة وعليه المسألة، فوزنه: يَفَطْعِل، وذلك أن التاء في يفتعل زائدة، فكما أنها لو ظهرت لكانت زائدة فكذلك إذا أَبدلت فالبدل منها زائد؛ لأن البدل من الزائد زائد، ألا ترى أن الطاء من "اصطبر" بدل من التاء في "اصتبر" الذي هو افتعل؟ فكما أن التاء زائدة فكذلك ما هو بدل منها -وهو

١ البيت للشماخ، وصدره:
خب جروز إذال جاع بكى
الخب: اللئيم، والجروز: الأكول. اللسان: حطب.
٢ سورة يونس: ٣٥، من قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى﴾.
وفي البحر المحيط ٥/ ١٥٦: قرأ أهل المدينة إلا ورشًا "أم من لا يهدي" بفتح الياء وسكون الهاء وتشديد الدال؛ فجمعوا بين ساكنين.
وقرأ أبو عمر وقالون في رواية كذلك إلا أنه اختلس الحركة.
وقرأ ابن عامر وابن كثير وورش وابن محيصن كذلك إلا أنهم فتحوا الهاء.
وقرأ حفص ويعقوب والأعمش عن أبي بكر كذلك إلا أنهم كسروا الهاء لما اضطروا إلى الحركة حرك بالكسر.
وقرأ أبو بكر في رواية يحيى بن آدم كذلك إلا أنه كسر الياء.
٣ سورة التوبة: ٩٠، من قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ﴾.
٤ سورة الأنفال: ٩، من قوله تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾.
قال في البحر المحيط ٤/ ٤٦٥: "وقرأ بعض المكيين فيما رَوَى عنه الخليل بن أحمد وحكاه ابن عطية "مُرَدِّفين" بفتح الراء وكسر الدال مشددة، أصله مرتدفين، فأدغم. ورُوي عن الخليل أنه يضم الراء إتباعا لحركة الميم، وقرئ كذلك إلا أنه بكسر الراء إتباعا لحركة الدال، أو حركت بالكسر على أصل التقاء الساكنين".


الصفحة التالية
Icon