وإنما هو اختلاس وإخفاء عليهم فيرون أنه إدغام، وإنما هو إخفاء للحركة وإضعاف للصوت، وهذا كما يُروى في قوله:
ومَسحِه مُرُّ عُقاب كاسِرِ١
أن الحاء مدغمة في الهاء، ويا ليت شعري كيف يجوز لذي نظر أو من يُخْلِد ألى أدني تفكير أن يدَّعِي أن هنا "١٠ظ " إدغامًا، أو أن تجمع بين ساكنين، وقد قابل به جزء التفعيل، وإذا وقع التحاكم إلى بديهة الحس؛ فقد سقطت كلفة إتعاب النفس، ألا ترى أن وزن قوله: "ومسحهِي" مفاعلن، فالحاء مقابَل بها عين "علن"، والعين أول الوتد، وهي كما ترى وتعلم محركة، أفيقابَل في الوزن الساكن بالمتحريك؟ وإذا أفضى الأمر في السفور إلى هاهنا حَسَر شبهة اللبس والعناء، وقد قلنا في كتابنا الموسوم "بسر الصناعة "٢ في هذا ما فيه كفاية وغناء.
قال ابن مجاهد: وقد رُوي عن مجاهد والحسن "يَخْطِف"، ولم يبلغنا أن أحدًا قرأ "خَطَف" بفتح الطاء، فيُقرأ هذا الحرف يَخْطِف، وأحسب أن هذا غلط ممن رواه.
قال أبو الفتح: قد قلنا في كتابنا الموسوم "بالمنصف" وهو شرح تصريف عثمان في نحو هذا من قوله:
وما كل مبتاع ولو سَلْفَ صَفْقُه | يراجع ما قد فاته بِرِداد٣ |
كأنها بعد كَلالِ الزَّاجر
المسح: أن تتعب الإبل وتدبرها وتهزلها، يصف ناقة بأنها بعد طول السير والإجهاد تشبه عقابًا منقضة كسرت جناحيها عند انقضاضها. الكتاب: ٢/ ٤١٣، وسر صناعة الإعراب: ١/ ٦٥.
٢ انظر: سر صناعة الإعراب: ١/ ٦٥، ٦٦.
٣ انظر: الصحفة ٥٣ من هذا الجزء.