الأرض، فحُذفت همزة أرض تخفيفًا، وأُلقي حركتها على اللام وهي ساكنة كما ترى، فصارت عَلَلَرض، فكره اجتماع اللامين متحركتين، فأسكن اللام الأولى وأدغمها في الثانية فصارت "علَّرض"، كما أسكن أبو عمرو: "لَكنَ نَا" حتى صار لذلك "لكنَّا"، فهذا التحفيف مع النقل إنما يكون إذا كان الأول الملقي عليه ساكنًا، فأما إذا كان متحركًا فقد حَمَتْه حركته أن يَقبل حركة أخرى غيرها.
والتاء من السوءة محركة، فكيف يمكن إلقاء الحركة عليها مع وجود حركتها فيها؟ وعليه قراءة الكسائي فيما حدثنا به أبو علي سنة إحدى وأربعين: "بما أُنزلَّيك١" قياسًا -فيما قال أبو علي- على لكنَّا.
قال أبو علي ما نحن عليه ونعى هذه القراءة، وقال لحركة لام أُنزل: فإذا قبح ذلك مع أن حركة اللام بناء، فما الظن بما حركته إعراب، وحرمة الإعراب أقوى من حرمة البناء، فالجناية إذن عليها فوقها عليها.
وقول أحمد بن يحيى: إنه ألقى فتحة أَنْتُنه على كسرة الهاء، طريقه: أنه لما نقل فتحة همزة أنتن إلى ما قبلها صادفت كسرة السوءة على شناعة النقل مع ذلك، فهجمت الفتحة على الكسرة فابتزَّتها موضعَها، وكلا القولين خبيث وضعيف، وعلى أننا قد أفردنا في كتاب الخصائص بابًا لهجوم الحركات "١٤و" على الحركات، مختلفات كن أو متفقات٢؛ لكنه ليس على هذا الذي كرهناه واستضعفناه.
فهذا كله يشهد بضعف قوله: "قُلْنَا لِلْمَلائِكَةُ اسْجُدُوا". وفيه أكثر من هذا، ولولا تحامي الإملال لجئنا به، وفيما أوردناه كافٍ مما حذفناه.
ومن ذلك قال عباس: سألت أبا عمرو عن "الشِّجَرة"٣ فكرهها، وقال: يقرأ بها برابر مكة وسودانها.
٢ انظر: الخصائص: ٣/ ١٣٦.
٣ أي: من قوله تعالى: ﴿وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾.
في سورة البقرة: ٣٥، وفي البحر المحيط ١/ ١٥٨: "وقرئ "الشِّجَرة" بكسر الشين، حكاها هارون الأعور عن بعض القراء، وقرئ أيضًا "الشِّيَرة" بكسر الشين والياء المفتوحة بعدها، وكره أبو عمرو هذه القراءة وقال: يقرأ بها برابر مكة وسودانها....".