أقرهم في الأرض بإطالة مدتهم ومدة خلفهم فقد أحسن إليهم، كما قال سبحانه: ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ١﴾، وذلك ضدُّ ما يعمل بالعاصين الذين يسحَتُ٢ أعمارهم، ويصطلِمُهُم بذنوبهم وجرائم أفعالهم.
ومن ذلك قراءة الثقفي٣: "تَتَفَيَّأُ ظُلَلَهُ٤"، وقراءة الناس: ﴿ظِلالُهُ﴾.
قال أبو الفتح: الظُلَلُ: جمع ظُلّة، كحِلّة وحُلَلَ، وجِلّة وجُلَل. وقد يكون ظِلال جمع ظُلَة أيضا، كجُلَة وجِلال. وقالوا أيضا: حُلّة وحِلال، بالحاء غير معجمة. وقد يكون ظِلال جمع ظِلّ، كشِعْب وشِعاب، وبِئْر وبِئار، وذِئب وذِئاب.
ومن ذلك قراءة الزهري: "تَجَرُون٥"، بغير همز.
قال أبو الفتح: هذا في قوة القياس كقراءته أيضا٦ [٩٠ظ] :"لَكُمْ فِيهَا دِف٧"، وأصله "تَجْأَرُون"؛ فخفف الهمزة بأن ألقاها ونقل فتحتها إلى الجيم، فصار "تَجَرُونَ"، كقولك في تخفيف يَسْأَلون: يَسَلُون، وفي يَسْأَمُون: يَسَمون. ونظائره كثيرة قوية.
ومن ذلك ما يُروى عن قتادة: "ثُمَّ إِذَا كَاشَفَ الضُّرَّ٨"، بألف.
قال أبو الفتح: قد جاء عنهم فاعَلَ من الواحد يراد به فَعَلَ، نحو طارَقْتُ النعل، أي: طرقْتُها، وعاقَبْتُ اللصَّ، وعافاه اللهُ، وقانَيْتُ اللونَ، أي: خلطته، في أحرف غير هذه، فكذلك يكون "ثُمَّ إِذَا كَاشَفَ الضُّرَّ" أي: كشف. ونحوه منه في المعنى والمثال: راخيتُ من خناقه، أي أرخيْتُ.
٢ سحته: أهلكه واستأصله، ومثله اصطلمه.
٣ الثقفي ساقطة في ك.
٤ سورة النحل: ٤٨.
٥ سورة النحل: ٥٣.
٦ أيضا ساقطة في ك.
٧ سورة النحل: ٥، وانظر الصفحة السابعة من هذا الجزء.
٨ السورة السابقة: ٥٤.