مقامه، فنصبه على المصدر، كما ينصب الاصطفاف أو ظهر، وكذلك ما رويناه عن محمد بن الحسن عن ابن الأعرابي من قوله:
وطَعْنَةِ مُسْتَبْسِلٍ ثَائِرٍ | يَرُدُّ الكَتِيبَةَ نِصْفَ النَّهارِ١ |
وكذلك: "وَنُزِل الْمَلائِكَةُ"، أي نزل نزول الملائكة. ولو سمى الفاعل على هذا التقدير لقيل: نَزَلَ النازلُ الملائكةَ، فنصب الملائكة انتصاب المصدر، كما نصب الجدار انتصاب المصدر، لأن كل مضاف إليه يحذف مِنْ قَبْله ما كان مضافا إليه فإنه يعرَب إعرابه، لا زيادة عليه ولا نقص منه.
فإن قيل: فما معنى: نُزِل نزولَ الملائكة، حتى يصح لك تقديره مثبتا ثم تحذفه؟ فإنه على قولك: هذا نُزولٌ منزول، وهذا صعودٌ مصعود، وهذا ضرب مضروب. وقريب منه قولهم: "١١٥ظ" قد قيل فيه قول، وقد خيف منه خوف. فاعرف ذلك؛ فإنه أمثل ما يحتج به لقراءة من قرأ: "وَنُزِلَ الْمَلائِكَة
"، بتخفيف٢ الزاي، فاعرفه.
ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب "كرم الله وجهه" ومسلمة بن محارب: "فَدَمِّرانِّهمْ تدْمِيرًا"٣. حكى أبو عمرو عن علي أنه قرأ: "فَدَمِرْناهم"، بكسر الميم مخففة، وحكى عنه أيضا: "فَدَمِّرا بهم"، بالباء على وجه الأمر.
قال أبو الفتح: الذي رويناه عن أبي حاتم أنه حكاها قراءة غيرَ معزُوَّة إلى أحد: "فَدَمِّرانِّهمْ تدْمِيرًا"، وقال: كأنه أمر موسى وهارون عليهما السلام أن يدمّراهم.
١ لسبرة بن عمرو الفقعسي. وروي "حاسر" مكان "ثائر"، و"تردّ" مكان "يردّ". وانظر النوادر: ١٥٥، والخصائص: ٣: ٣٢٢.
٢ سقط في ك: "بتخفيف الزاي":
٣ سورة الفرقان: ٣٦.
٢ سقط في ك: "بتخفيف الزاي":
٣ سورة الفرقان: ٣٦.