عنْ قَصَب أسْحَمَ مُدْلَهِمّ رِيقي وَدِرْيَاقِي شِفاء السُّمّ١
ومن ذلك قراءة ابن مسعود والضحاك وطلحة وابن السميفع ويعقوب وسعيد بن أبي سعيد الأنصاري: "وِأَتْبَاعُكَ"٢.
قال أبو الفتح: تحتمل هذه القراءة ضربين من القول مختلفي الطريق، إلا أنهما متفقا المعنى.
أحدهما أن يكون أراد: أنؤمن لك وإنما أتباعك الأرذلون؟ فأتباعك مرفوع بالابتداء، والأرذلون خبر.
والآخران يكون "وأتباعك"٣ معطوفا على الضمير في "نؤمن"٤، أي: أنؤمنُ لك نحن وأتباعك الأرذلون؟ فالأرذلون إذًا وصف للأتباع، وجاز العطف على الضمير المرفوع المتصل من غير توكيد؛ لما وقع هناك من الفصل. وهو قوله: "لك"، فصار طول الكلام به كالعوض من توكيد الضمير بقوله: نحن. وإذا جاز قوله: "ما أشْرَكْنا ولا آباؤنا"٥ كان الأول من طريق الإعراب أمثل؛ وذلك أن العوض ينبغي أن يكون في شق المعوض منه، وأن يكون قبل حرف العطف، وهذه صورة قوله: "لك"، وأما "لا" من قوله تعالى: "وَلا آبَاؤُنَا"٥ فإنها حرف العطف، فهي في شق المعطوف نفسه، لا في شق المعطوف عليه. والجامع بينهما طول الكلام بكل واحد منهما، والمعنى من بعد: أنؤمن لك [١١٧ظ] نحن وأتباعك الأرذلون فنعدُّ في عدادهم؟ وهذا هو معنى القول الآخر: أنؤمن لك وإنما أتباعك الأرذلون فنساويهم في أن نكون مرذولين مثلهم؟.
١ من رجز في مدح الحارث بن سليم من آل عمرو. وبين البيتين الأخيرين في الديوان "٥٣":
لا أبتغي بالعمل الأذم
وفيه "ترياقي" مكان "درياقي" وهما بمعنى.
٢ سورة الشعراء: ١١١.
٣ في ك: أتباعك بغير واو.
٤ في ك: نؤمن.
٥ سورة الأنعام: ١٤٨.


الصفحة التالية
Icon