سورة بني إسرائيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

قد ذكرنا ما في ذُرِّيَّة١ وذَرِّيَّة وذِرِّيَّة فما مضى من الكتاب٢.
ومن ذلك قراءة ابن عباس ونصر بن عاصم وجابر بن يزيد٣: "لَتُفْسَدُنَّ٤"، بضم التاء، وفتح السين. وقرأ: "لَتَفْسُدُنَّ"، بفتح التاء، وضم السين والدال -الفعل لهم- عيسى الثقفي.
قال أبو الفتح: إحدى هاتين القراءتين شاهدة للأخرى؛ لأنهم إذا أفسدوا فقد فسدوا.
ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب "رضي الله عنه": "عَبيدًا لنا٥".
قال أبو الفتح: أكثر اللغة أن تستعمل العبيد للناس والعباد لله. قال تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ٦﴾، وقال تعالى: ﴿يَا عِبَادِ فَاتَّقُون ٧﴾، وهو كثير. وقال: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٨﴾. ومن أبيات الكتاب:
أتُوعِدُني بقومك يابن حَجْل أشاباتٍ يُخَالُون العبادا؟
بما جمَّعْتَ من حضَنٍ وعمرو وما حضَنٌ وعمرو والحِيادا٩؟
١ سورة الإسراء: ٣.
٢ انظر الصفحة "١٥٦" وما بعدها من الجزء الأول.
٣ هو جابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث الجعفي أبو عبد الله، ويقال: أبو يزيد الكوفي، روى عن أبي الطفيل وعكرمة وعطاء وجماعة، وروى عنه شعبة والثوري وإسرائيل وغيرهم. وكان متهما بالكذب والقول بالرجعة مات سنة ١٢٨، وقيل غير ذلك. تهذيب التهذيب: ٢: ٤٦ وما بعدها.
٤ سورة الإسراء: ٤.
٥ سورة الإسراء: ٥.
٦ سورة الحجر: ٤٢.
٧ سورة الزمر: ١٦.
٨ سورة فصلت: ٤٦.
٩ الأشابات: الأخلاط. وهو منصوب على الذم، أو مجرور بدلا من "قومك" وحضن وعمرو قبيلتان. الكتاب: ١: ١٥٣.


الصفحة التالية
Icon