وإن شئت حملته على أنه صفة لمصدر محذوف، أي: لا يمسنا فيها لُغُوب١ لَغُوب، على قولهم: هذا شِعْرٌ شَاعِرٌ، وموتٌ مائِتٌ، كأنه يصف "اللُّغوب" بأنه قد لَغَبَ، أي أعيا وتعب، وهذا ضرب من المبالغة، كقول الآخر
إذا ناقَةٌ شُدَّتْ بِرَحْلٍ وَنُمرُقٍ | إلى حَكَمٍ بَعْدِي فَضَّلَ ضَلَالُها٢ |
ومن طريف ما مر بنا لمولدين في هذا قول شاعرنا٣:
وَجُبْتُ هَجِيرًا يَتْرُكُ الماءَ صَادِيًا
فهذا مع ما فيه من المبالغة حلو وواصل إلى الفكر. وعلى هذا حمل أبو بكر قولهم: توضأتُ وَضُوءًا: أنه وصف لمصدر محذوف، [١٣٢ظ] أي: وُضُوءًا وَضُوءًا، كقولك: وُضُوءًا وَضِيئًا، أي: كاملا حَسَنًا.
وحكى أبو زيد: رجل ساكُوتٌ بَيّن الساكُوتَة، فلما قرأت هذا الموضع على أبي علي حمله على قياس قول أبي بكر هذا، فقال: تقديره بَيّن السكْتَة الساكُوتَة، فجعل الساكوتة صفة لمصدر محذوف، وحسّن ذلك عندي شيئا أنه من لفظه، فكأن أحدهما صاحبه البتة.
وحكى الأصمعي: ليس عليك في ذلك تَضُرَّةٌ٤ ولا ضَارُورَة، فَضَارُورَة - على قياس قول أبي بكر- كالسَّاكُوتة، أي: ضرَّةٌ ضَارُورَة.
ومن ذلك قراءة الحسن: "لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُون"٥، وكذلك الثقفي.
١ اللغوب: أشد الإعياء.
٢ البيت لأوس بن حجر. والنمرق: الطنفسة فوق الرحل، والطنفسة: البساط. والحكم: الرجل المسن، وهو أيضا: الحاكم. وانظر اللسان "ضل".
٣ هو المتنبي، وصدر البيت:
لقيت المروري والشناخيب دونه
والمروري: جمع مروراة، وهي الفلاة الواسعة. والشناخيب: جمع الشنخوب، بضم الشين. وهو رأس الجبل. وضمير دونه لكافور الأخشيدي. انظر الديوان: ٤٦٨.
٤ التضرة: الضرر.
٥ سورة فاطر: ٣٦.
٢ البيت لأوس بن حجر. والنمرق: الطنفسة فوق الرحل، والطنفسة: البساط. والحكم: الرجل المسن، وهو أيضا: الحاكم. وانظر اللسان "ضل".
٣ هو المتنبي، وصدر البيت:
لقيت المروري والشناخيب دونه
والمروري: جمع مروراة، وهي الفلاة الواسعة. والشناخيب: جمع الشنخوب، بضم الشين. وهو رأس الجبل. وضمير دونه لكافور الأخشيدي. انظر الديوان: ٤٦٨.
٤ التضرة: الضرر.
٥ سورة فاطر: ٣٦.