تحتمل اللام هنا الوجهين اللذين تقدم ذكرهما.
ومن ذلك قراءة أبي سعيد الخدري١: "وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَانِ٢".
أحدهما: أن يكون اسم "كان" ضمير الغلام، أي: فَكَانَ هُوَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَانِ٢، والجملة بعده خبر كان.
والآخر: أن يكون اسم "كان" مضمرا فيها، وهو ضمير الشأن والحديث، أي: فكان الحديث أو الشأن أَبَوَاهُ مُؤْمِنَانِ٢، والجملة بعده خبر لـ "كان" على ما مضى، إلا أنه في هذا الوجه الثاني لا ضمير عائدا على اسم "كان"؛ لأن ضمير الأمر والشأن لا يحتاج من الجملة التي هي بعده خبر عنه إلى ضمير عائد عليه منها، من حيث كان هو الجملة في المعنى. وقد مضى ذلك آنفا٣، ومثله قول النبي "صلى الله عليه وسلم": "كلُّ مولودٍ يُولُدُ علَى الفطرةِ حتَّى يكونَ أبواهُ هُمَا اللَّذانِ يُهَوِّدَانِه ويُنَصِّرانِه ٤ ".
إن شئت كان ضمير المولود في "كان" اسما لها، [٩٥ظ] وأبواه ابتداء، "هما" فصل لا موضع لها من الإعراب، و"اللذان" خبر "لكان"، والعائد على اسم "كان" الضمير في "أبواه"؛ لأنه أقرب إليه مما بعده.
وإن شئت جعلت اسم "كان" على ما كان عليه٥، وجعلت "أبواه" ابتداء، والجملة بعدهما خبرا عنها، وهي مركبة من مبتدأ وخبر: فالمبتدأ "هما"، وخبرهما "اللذان"، و"هما" وخبره خبر عن "أبواه"، و"أبواه" وما بعدهما خبر "كان".
وإن شئت كان في "كان" ضمير الشأن والحديث، وما بعدها خبر عنه.
٢ سورة الكهف: ٨٠.
٣ انظر ما مضى قريبا ص: ٣٠ من هذا الجزء.
٤ انظر الكتاب: ١: ٣٩٦ وقد أخرجه الطبراني والبيهقي عن الأسود بن سريع بلفظ: "كلُّ مولودٍ يُولُدُ علَى الفطرةِ حتَّى يعرب عنه لسانه، فأبواهُ يُهَوِّدَانِه أويُنَصِّرانِه أو يمجسانه". وقد رمز إليه السيوطي برمز الصحيح. ورواه مسلم من حديث أبي هريرة بنحو هذا اللفظ، ورواه أيضا البخاري بلفظ آخر. انظر الجامع الصغير: ٥: ٣٣
٥ ساقطة في ك.