فليس على الهمز، لكنه أراد الموموق، إلا أنه أبدل الواو ألفا، لانفتاح ما قبلها وإن كانت ساكنة، كما قالوا في يوجل: ياجل، وفي يوحل ياحل، وفي يوتعد -في اللغة الحجازية-: ياتعد، وفي يوتزن: ياتزن. فهذا١ على قلب الواو ألفا لانفتاح ما قبلها، ليس على طريق الهمز.
وينبغي أن يحمل على هذا أيضا قوله عليه السلام: ارجعن مأزورات غير مأجورات يريد: موزورات، ثم تقلب الواو؛ لما ذكرنا - ألفا. وعلى أنه قد يمكن أن يكون قلب الواو همزة هنا إتباعا لمأجورات.
ومن ذلك قراءة عكرمة: "جَدًّا رَبُّنَا٢".
وروى عنه: "جَدًّا رَبُّنَا"، وغلط٣ الذي رواه.
قال أبو الفتح: أما انتصاب "جَدًّ" فعلى التمييز، أي: تعالى ربنا جدا، ثم قدم المميز، على قولك: حسن وجها زيد.
فأما "جد ربنا" فإنه على إنكار ابن مجاهد صحيح؛ وذلك أنه أراد: وأنه تعالى جد جد ربنا على البدل، ثم حذف الثاني، وأقام المضاف إليه مقامه. وهذا على قوله "سبحانه": ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ٤﴾، أي: زينة الكواكب، فـ"الكوكب" إذا بدل من "زينة".
فإن قلت: فإن الكواكب قد تسمى زينة، والرب "تعالى" لا يسمى جدا.
قيل: الكواكب في الحقيقة ليست زينة، لكنها ذات الزينة، ألا ترى إلى القراءة بالإضافة وهي قوله: ﴿بِزِينَةٍ الْكَوَاكِب ٥﴾ ؟ وأنت أيضا تقول: تعالى ربنا، كما تقول:

١ في ك: فقد أعلى، وهو تحريف.
٢ سورة الجن: ٣.
٣ يريد أن ابن مجاهد غلط الذي روى هذا الحرف، كما يفهم من كلامه الآتي قريبا.
٤ سورة الصافات: ٦.
٥ قرأ أبو بكر "بزينة" منونا، ونصب "الكواكب"، وقرأ حفص وحمزة بتنوين "زينة" وجر "الكواكب" ووافقهما الحسن والأعمش، وقرأ الباقون بحذف التنوين على إضافة "زينة" - "الكواكب" انظر الاتحاف: ٢٢٦.


الصفحة التالية
Icon