إلا أنهم قد استعملوا مضارعة، فقالوا: يدع. ويروى بيت الفرزدق:
وعض زمان يا بن مروان لم يدع | من المال إلا مسحتا أو مجلف١ |
فأما يدع -بفتح الياء والدال- فهو المشهور، وإعرابه أنه لما قال: لم يدع من المال إلا مسحتا دل على أنه قد بقى، فأضمر ما يدل عليه القول، فكأنه قال: وبقى مجلف.
وأما يدع -بفتح الياء وكسر الدال- فهو من الاتداع، كقولك: قد استراح وودع، وهو وادع من تعبه. فالمسحت -على هذه الرواية- مرفوع بفعله، ومجلف معطوف عليه، وهذا ما لا نظر فيه لوضوحه.
وأما يدع -بضم الياء- فقياسه يودع، كقول الله "تعالى": ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٢﴾، ومثله يوضع، والحديد يوقع، أي: يطرق، من قولهم: وقعت الحديدة، أي: طرقتها. قالوا: إلا أن هذا الحرف كأنه -كثرة استعماله- جاء شاذا، فحذفت واوه تخفيفا، فقيل: لم يدع٣، أي: لم يترك، والمسحت والمجلف جميعا مرفوعان أيضا، كما يجب.
١ من قصيدة في مدح عبد الله بن مروان، وقبله:
والهوجل: المفازة البعيدة لا علم بها. والمسحت: المبدد. والمجلف: الذي أخذ من جوانبه، والذي بقيت منه بقية. ويروى مجرف مكان "مجلف"، من جرفه: إذا ذهب به كله، أو أخذه أخذ كثيرا. وانظر ديوان الشاعر: ٥٥٦، والنقائض ٢: ٥٥٦، والخصائص ١: ٩٩.
٢ سورة الإخلاص: ٣.
٣ كذا في ك، وفي الأصل: يودع، وهو تحريف.
إليك أمير المؤمنين رمت بنا | شعوب النوى والهوجل المتعسف |
٢ سورة الإخلاص: ٣.
٣ كذا في ك، وفي الأصل: يودع، وهو تحريف.