كونهم بعدي. ومثله مسألة الكتاب: مررت برجل معه صقرٌ صائدًا، أي: مُتَصَوَّرًا صيدُه بهِ غدًا، ومثله قول الله١ "تعالى": ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ٢﴾، أي مُتَصَوَّرًا خُلُودُهُم فيها مدةَ دوامِ السمواتِ والأرضِ. فإذا أشفقت من ذلك فارْزُقْنِي وَلَدًا يَخْلُفُنِي.
ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب وابن عباس "عليهما السلام" وابن يعمَر وأبي حرب بن أبي الأسود٣ والحسن والجحدري وقتادة وأبي نَهِيك وجعفر بن محمد: "يَرِثُنِي وَارثٌ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ٤".
قال أبو الفتح: هذا ضرب من العربية غريب، ومعناه التجريد؛ وذلك أنك تريد؛ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي منه أو به وَارثٌ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ، وهو الوارث نفسه، فكأنه جَرَّدَ منه وارثًا. ومثله قول الله "تعالى"
: ﴿لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ ٥﴾، فهي نفسها دارُ الخلد، فكأنه جَرَّدَ من الدارِ دارًا، وعليه قول الأخطل:
بنزوةِ لصٍّ بعد ما مرَّ مُصعَبٌ | بأشعثَ لا يُفْلَى ولا هو يَقْمَلُ٦ |
٢ سورة هود: ١٠٧: ١٠٨.
٣ قرأ أبو حرب على أبي الأسود أبيه، قرأ عليه حمران بن أعين. وقد ولاه الحجاج جوخا، وهو نهر عليه كورة واسعة في سواد بغداد بالجانب الشرقي. وتوفي سنة ١٠٩. طبقات ابن الجزري: ١: ٢٦٦، وإنباه الرواة: ١: ٢١. وفي نسختي الأصل: "وأبي حرب بن الأسود"، سقط.
٤ سورة مريم: ٦.
٥ سورة فصلت: ٢٨.
٦ قبله:
فسائل بني مروان ما بال ذمة | وحبل ضعيف لا يزال يوصل |
٧ في الديوان "١١": وأشعث، يعني ابن زياد، وكان مصعب قتله، فجاء أخوه عبيد الله بن زياد بن ظبيان ومصعب مثخن فاحتز رأسه. ويفسر محقق الخصائص "٢: ٤٧٥" الأشعث هنا بالوتد، لشعث رأسه، ولم يذكر مرجعه في هذا التفسير.