وقرأ: "وَزِيًّا"، [٩٧ظ] بالزاي سعيد بن جبير ويزيد البربري والأعسم المكي.
قال أبو الفتح١: النظر من ذلك في "وَرِيًّا"
، خفيفة بلا همز٢؛ وذلك أنه في الأصل فعل إما من رأيت وإما من رويت، فأصله -وهو من الهمز- "ورِثْيًا" كَرِعْيًا، على قراءة أبي عمرو وغيره؛ فأريد تخفيف الهمز، فأبدلت الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ثم أدغمت الياء المبدلة من الهمزة في الياء الثانية التي هي لام الفعل، فصارت "وَرِيًّا".
ويجوز أن يكون من رويت قال أبو علي: وذلك لأن المريان نضارة وحسنا؛ فيتفق إذا معناه ومعنى "وزيا" بالزاي. وأصله على هذا "رِوْيٌ"، فأبدلت الواو ياء، وأدغمت٣ في الياء بعدها؛ فصارت "وَرِيًّا".
حدثنا أبو علي عن ابن مجاهد أن القراءة فيها على ثلاث أضرب: "ورِثْيًا"، "وَرِيًّا"، "وَزِيًّا" فهذا هذا.
فأما "رِيًا"، مخففة غير مهموزة فتحتمل أمرين:
أحدهما أن تكون مقلوبة من فعل إلى فلع؛ فصارت في التقدير "رِيئًا"، ثم خفف على هذا، فحذفت الهمزة، فألقيت حركتها على الياء؛ فصارت "رِيًا"، كقولك في تخفيف نيء: أكلت طعاما نِيًا، وفي تخفيف الجيئة: الجية. فإن خففت البيئة٤ من قولهم: بات بيئة سوء قلت فيها: البِوَة، وذلك أنها في الأصل بِوْءَة، لأنها فِعْلَة من تَبَوَّأت، فانقلبت الواو ياء؛ لسكونها وانكسار ما قبلها، فصارت بيئة، فإذا ألقيت عليها فتحة الهمزة قويت بها، فرجعت الواو لقوة الحرف بالحركة، فقلبت "بِوَة" وقد استقصينا هذا الموضع من كتابنا المعرب، فهذا أحد الوجهين في "رِيًا" بالتخفيف.
والآخر أن يكون يريد "رِيًا" من رويت، ثم يخفف الكلمة بحذف إحدى الياءين، كما قال: أتاني القوم لا سيما زيد بتخفيف الياء، وقولهم في الطَّيَّة٥ والنية: الطِيَة والنِّيَة، بحذف إحدى الياءين. وينبغي أن تكون المحذوفة من ذلك كله هي الياء الثانية؛ لأمرين:
أحدهما أنها هي المكررة، وبها وقع الاستثقال، وإياها ما٦ حذف.

١ "قال أبو الفتح" ساقطة في ك.
٢ يمهد بهذا للخفيفة غير المهموزة.
٣ في ك: فأدغمت.
٤ البيئة: اسم من أباءه منزلا وفيه، أي: أنزله.
٥ الطية: من معانيها: الحاجة والوطر.
٦ ما زائدة.


الصفحة التالية
Icon