وقرأ: "عَصَايْ" ابن أبي إسحاق أيضا.
قال أبو الفتح: كسر الياء في نحو هذا ضعيف؛ استثقالا للكسرة فيها وهربا إلى الفتحة، "كَهُدَايَ"١ و"يابُشْرَايَ"٢، إلا أن للكسرة وجها ما.
وذلك أنه قد قرأ حمزة: "مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيِّ٣"، فكسر الياء لالتقاء الساكنين مع أن قبلها كسرة وياء، والفتحة والألف في "عصايِ" أخف من الكسرة والياء في "مصرخِيِّ". وروينا عن قطرب وجماعة من أصحابنا:
قالَ لَهَا هَلْ لَكَ يَا تَافِيِّى٤
أراد "فِيّ"، ثم أشبع الكسرة للإطلاق، وأنشأ عنها ياء نحو منزلي وحوملي٥، وروينا عنه أيضا:

عَلَىِّ لِعَمْرٍو نِعْمَةٌ بَعْدَ نِعْمَةٍ لِوَالِدِهِ لَيْسَتْ بِذَاتِ عَقَارِبِ٦
وروينا عنه أيضا:
إنَّ بَنِيِّ صِبْيَةٌ صَيْفِيُّونْ أَفْلَحَ مَنْ كَانَ لَهُ رِبْعِيُّونْ٧
وقول ابن مجاهد: مثل غلامي لا وجه له؛ لأن الكسرة في ياء "عصايِ" لالتقاء الساكنين، والكسرة في ميم "غلامي" هي التي تحدثها ياء المتكلم. أفترى أن في "عصايِ" بعد ياء المتكلم
١ من قوله تعالى في الآية ٣٨: سورة البقرة: ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
٢ من قوله تعالى: ﴿يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ..﴾ سورة يوسف: ١٩، وهي قراءة من عدا حمزة وعاصم والكسائي وخلف، وانظر الإتحاف: ١٥٩.
٣ سورة إبراهيم: ٢٢.
٤ يريد: يا هذه في
٥ من قول امرئ القيس في مطلع معلقته:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدّخُولِ فَحَوْمَلِ
٦ للنابغة يمدح عمرو بن الحارث. المعروف بالأعرج، يقولها حين هرب إلى دمشق لما بلغه أن مرة بن قريع وشى به إلى النعمان في أمر المتجردة والعقارب: المنن على التشبيه. انظر الديوان: ٥، واللسان "عقرب".
٧ لأكثم بن صيفي، وقيل: لسعد بن مالك بن ضبيعة. وأصاف الرجل فهو مصيف: إذا لم يتزوج شابا، ثم تزوج بعد ما أسن. ويقال لولده: صيفيون. أما الربعيون فهم الذين ولدوا وآباؤهم شباب. فهم رجال. وانظر النوادر: ٨٧، واللسان "صيف".


الصفحة التالية
Icon