ومن ذلك قراءة علي١ وابن عباس "عليهما السلام" وعمرو بن فائد: "لَنَحَرُقَنَّهُ"٢، بفتح النون. وضم الراء.
قال أبو الفتح: حرقْتُ الحديدَ: إذا بردتَه، [١٠١و] فتحاتَّ وتساقَطَ. ومنه قولهم: أنه لَيَحْرُق عليَّ الأرَّم، أي: يحك أسنانه بعضها ببعض غيظًا عليَّ. قال:
نُيُوبَهم علينا يحرُقُونا٣
وقال زهير:

أبَى الضيمَ والنعمانُ يحْرُق نابَه عليه فأفضَى والسيوفُ معاقِلُهْ٤
وأنشد أبو زيد، ورويناه عنه:
نُبِّئتُ أحماءَ سُلَيْمَى أنما باتُوا غِضَابًا يحرُقون الأرَّما
إن قلتُ أسقَى عاقِلا فأظْلَما جَوْنًا وأسقَى الحرتيْنِ الدِّيَما٥
فكأن "لنَحْرُقَنَّه" على هذا: لنَبْرُدَنَّه ولنَحُتَّنَّه حتًّا، ثُمَّ، لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا.
ومن ذلك عندي تسميتهم هذا الزورق حراقة، وهو كقولهم لها: سفينة؛ لأنها تَسْفِنُ وجه الماء، فكذلك تَحْرُقُه أيضًا.
ومن ذلك قراءة مجاهد وقتادة: "وَسَّعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا"٦.
١ ساقطة في ك.
٢ سورة طه: ٩٧.
٣ لعامر بن شقيق الضبي، وصدره:
بِذِي فِرْقَيْنِ يومَ بنو حبيب
انظر اللسان "فرق"، وذو فرقين -فيما يقول الأصمعي-: علم بشمالي قطن، وانظر معجم البلدان: "فرق".
٤ في مدح حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري وانظر ديوان الشاعر: ١٤٣. والكامل للمبرد: ٢: ١٠٢.
٥ روي "خبرت" مكان "نبئت"، و"ظلوا" مكان "باتوا"، و"يعلكون" مكان "يحرقون"، و"جودا" مكان "جونا". وعاقل: وادلبني أبان بن دارم من دون بطن الرمة، وأظلم: موضع من بطن الرمة، والجون: الأسود، هنا. يريد سحابا أسود لكثرة مائة، والجود: المطر الغزير. وانظر النوادر: ٨٩، وكامل المبرد: ٢: ١٠٢، وروى الأساس "حرق" البيت الأول. والشاهد في كل هذه المراجع غير منسوب.
٦ سورة طه: ٩٨.


الصفحة التالية
Icon