فآتينا إذا من قوله: ﴿أَتَيْنَا بِهَا﴾ فاعلْنا، ومضارعها يُوَاتِي١ كيُهاتِي٢ في قول الجماعة إلا أبا علي فإنه كان يقول في هات: غير ما يقول الناس فتصريف هذا الفعل آتينا نُواتِي مُواتاة، وأنا مواتٍ، وهو مواتًى. ومن قال: ضاربت ضِرَابًا قال: إتاءً، ومن قال: ضِيرَابا قال: إيتاءً؛ فإيتاءُ على فِيعال كضِيراب، ومن قال:
أقاتلُ حتى لا أرى لي مُقاتًلا٣
قال: مواتًى.
ومن ذلك قراءة ابن عباس، وعكرمة والضحاك: "الْفُرْقَانَ ضِيَاءً"٤، بغير واو.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون "ضياء" هنا حالا، كقولك: دفعت إليك زيدا مجملا لك ومسددا من أمرك، وأصحبتك القرآن دافعا عنك ومؤنسا لك. فأما في قراءة الجماعة: "وضياء" بالواو، فإنه عطف على الفرقان، فهو مفعول به على ذلك.
ومن ذلك قراءة ابن عباس وأبي نهيك وأبي السمال: "فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا"٥.
قال أبو الفتح: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد عن أبي بكر محمد بن هارون٦ عن أبي حاتم قال: فيها لغات: جِذاذا، وجُذاذا، وجَذاذا. قال: وأجودها الضم، كالحُطام والرُّقات، وكذلك روينا عن قطرب: جَذَّ الشيءَ يجُذه جَذًّا [١٠٢ظ] وجُذاذا وجِذاذا وجَذاذا.
٢ يهاتي: يفاعل من هات يا رجل، بمعنى أعط.
٣ من قول كعب بن مالك:
أقاتلُ حتى لا أرى لي مُقاتًلا | وأنجو إذا غُم الجبانُ من الكربِ |
أقاتلُ حتى لا أرى لي مُقاتًلا | وأنجو إذا لم ينجُ إلَّا المكيّسُ |
٤ سورة الأنبياء: ٤٨.
٥ سورة الأنبياء: ٥٨.
٦ محمد بن هارون: لعله محمد بن هارون الطبري، روى الحروف عن أبي حاتم السجستاني، وروى عنه الحروف محمد بن الحسن النقاش، طبقات ابن الجزري: ٢: ٢٧٣.