ويمكن أن نذكر مثالُ لذلك: قوله تبارك وتعالى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ ]المزمل: ٢٠[، فسرته بعض المذاهب بالتلاوة نفسها، أي: الواجب من القران في الصلوات إنما هو آية طويلة أو ثلاث آيات قصيرة! قالوا هذا مع ورود الحديث الصحيح عن النبي ﷺ قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"١، وفي الحديث الاخر "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خِداج، هي خِداج، هي خِداج غيرُ تَمام"٢.
فقد رُدت دلالة هذين الحديثين - بالتفسير المذكور للاية السابقة - بدعوى أنها أطلقت القراءة، ولا يجوز عندهم تفسير القران إلا بالسنة المتواترة، أي لا يجوز تفسير المتواتر إلا بالمتواتر، فردوا الحديثين السابقين اعتماداً منهم على تفسيرهم للاية بالرأي أو بالمذهب.
ما أن العلماء - كل علماء التفسير، لا فرق بين من تقدم منهم أو تأخر - بينوا أن المقصود بالآية الكريمة ﴿فَاقْرَءُوا﴾، أي: فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل، لأن الله عزوجل ذكر
٢ "صفة الصلاة" "٩٧"